الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص187
أحدها : أن النبي ( ص ) كان ملموساً ولا وضوء عليه في أحد القولين .
والثاني : أنه كان داعياً في غير الصلاة ، وذلك يجوز للمحدث وليس من شرط الدعاء ألا يكون إلا في الصلاة .
والثالث : أنه يجوز أن يكون من وراء حائل ، وأما الجواب عن حمله أمامة بنت أبي العاص فمن وجهين :
أحدهما : أن حملها لا يقتضي مباشرة بدنها .
والثاني : أنها من ذوات المحارم لأنها بنت بنته زينب ، ولا وضوء في لمس المحارم عندنا في أحد القولين وإن كانت صغيرة فلا يبطل وضوءه على أحد القولين ، وأما الجواب عن قياسهم على لمس ذوات المحارم فهو أن لها فيها قولين فلا نسلم على أحد القولين .
والقول الثاني : أنه لا يوجب ، والفرق بين الأجانب وبينهن أنهن جنس لا يستباح للاستمتاع بهن كالذكور بخلاف الأجانب ، وأما الجواب عن قياسهم على لمس الشعر فقد كان بعض أصحابنا يوجب الوضوء من لمسه فعلى هذا لا نسلم ، وظاهر المذهب أنه لا وضوء من لمسه ، والمعنى فيه أنه لمس لا يقصد به اللذة في الغالب وكذا الظفر والسن وليس كذلك لمس الجسم لأنه مقصود للذة في الغالب .
فإذا تقرر ما وصفنا من انتقاض الوضوء بالملامسة وإنما ينتقض بها عند التقاء البشرتين ، فأما من وراء ثوب أو حائل فلا ينتقض بها وقال ربيعة ينتقض وضوءه سواء كان الحائل خفيفاً أو صفيقاً ، وقال مالك إن كان الحائل خفيفاً نقض وإن كان صفيقاً لم ينقض وهذا خطأ لقوله تعالى : ( أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّسَاءَ ) ( المائدة : 6 ) . وحقيقة الملامسة ملاقاة البشرة وإلا كان لامساً ثوباً ولم يكن لابساً جسماً ، ألا ترى أنه لو حلف لا يلمس امرأة فلو لمس ثوبها لم يحنث ، فإذا انتفى اسم المس عنه لم يتعلق الحكم به ، ولأنه لمس دون حائل فوجب ألا ينتقض الضوء كلمس الخف .
فأما لمس ما اتصل بالجسم من شعر وظفر وسن فمذهب الشافعي أنه لا ينقض