الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص186
روي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : كنت عند النبي ( ص ) إذا أتاه رجلٌ فسأله عن رجلٍ يصيب من امرأته ما يحل له ما يصبه من إمرأته إلا الجماع .
فقال النبي ( ص ) : ‘ يتوضأ وضوءاً حسناً ‘ وهذا أمر لسائل مسترشد يقتضي وجوب ما تضمنه ، ثم الدليل من طريق القياس أنها مماسة توجب الفدية على المحرم فوجب أن تنقض الوضوء كالجماع ، ولأنه معنى من جنسه لم يوجب الطهارة الكبرى ، فوجب أن يكون من نوعه ، لم يوجب الطهارة الصغرى كالمني والمذى ، ولأن كل ملامسة لو قارنها انتشار وجب فيها الطهارة فإذا خلت عن الانتشار وجبت فيها تلك الطهارة كالتقاء الختانين ، ولأنها طهارة حكمية فجاز أن ينقسم موجبها إلى خارج وملاقاة كالغسل ، لأنه معنى يقضي إلى نقض الطهر في الغالب فجاز أن يتعلق نقض الطهر بعينه كالنوم .
فأما الجواب عن خبري عائشة فمن ثلاثة أوجه .
أحدها : ضعفها وطعن أصحاب الحديث فيهما ، قال أبو داود في سننه : أما حديث إبراهيم عن عائشة فمرسل لأن إبراهيم لم يسمع من عائشة . وأما حديث حبيب بن عروة فقال الأعمش هو عروة المزني وليس بعروة بن الزبير .
وحكي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال لرجل احك عني أن هذين الحديثين شبه لا شيء .
والجواب الثاني : ما قاله أحمد بن حنبل وأبو بكر النيسابوري أن حبيب بن أبي ثابت غلط فيه من الصيام إلى الوضوء .
والجواب الثالث : أنه إذا صح الحديث فحمله على القبلة من وراء ثوب وبها يبطل قول من ذهب إلى وجوب الوضوء باللمس من وراء ثوب ، ولا يمتنع أن ينطلق اسم القبلة على ذلك ، قال الشاعر :
فأما الجواب عن حديث عائشة أن يدها وقعت على أخمص قدم رسول الله ( ص ) فمن ثلاثة أوجه :