الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص176
قال الماوردي : اعلم أن هذا الذي يوجب الوضوء أحد خمسة أقسام : فأولها ما خرج من السبيلين وهما القبل والدبر ، والخارج منهما ضربان : معتاد ونادر : فالمعتاد الغائط والبول والصوت والريح ودم الحيض . وفيها الوضوء . وفاقاً لقول الله تعالى : ( أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ) ( المائدة : 6 ) . والنادر المذي والودي ، والدود والحصى وسلس البول ، ودم المستحاضة وقد اختلفوا في وجوب الوضوء منه فمذهبه الشافعي وأبي حنيفة وجوب الوضوء منه كالمعتاد .
وقال مالك لا وضوء منه استدلالاً بقوله ( ص ) : ‘ لا وضوء إلا من صوتٍ أو ريحٍ ‘ يعني المعتاد كالصوت والريح فدل على انتفائه من النادر ، وقال النبي ( ص ) للمستحاضة : ‘ صلي ولو قطر الدم على الحصير قطراً ‘ . فلم ينقض وضوءها بدم الاستحاضة لكونه نادراً ، قال ولأن الخارج المعتاد إذا خرج من غير مخرج الحدث المعتاد لم يجب الوضوء لكونه نادراً وجب إذا خرج غير المعتاد من مخرج معتاد ألا يوجب الوضوء لكونه نادراً . ودليلنا قوله تعالى : ( أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ) ، وهو مقصود للنادر والمعتاد ، وروى عابس بن أنس قال : سمعت علياً بالكوفة يقول قلت لعمار سل رسول الله ( ص ) عن المذي يصيب أحدنا إذا دنا من أهله فإن ابنته تحتي وأنا أستحي منه فسأله عمار . فقال ( ص ) : يكفي منه الوضوء ، فإنما أوجب هذا الحديث الوضوء من المذي وهو نادر فكذلك من كل نادر ولأنه