الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص169
والضرب الثاني : ما يؤكل رطباً ويابساً فهذا على ثلاثة أضرب :
أحدها : أن يكون مأكولاً ظاهراً وباطناً كالتين والسفرجل والتفاح وإن كان فيهما حب يرمى به فلا يجوز الاستنجاء بشيء منه بحال لا بداخله ولا بخارجه ولا رطباً ولا يابساً .
والضرب الثاني : ما كان مأكوله ظاهراً وداخله غير مأكول كالخوخ والمشمش وكل ذي نوى من الفواكه فلا يجوز الاستنجاء بخارجه المأكول ويجوز الاستنجاء بنواه إذا أزال لأنه غير مأكول .
والضرب الثالث : ما كان ذا قشر مأكوله في جوفه فلا يجوز الاستنجاء بلبه المأكول ، فأما قشره فله ثلاثة أحوال :
حال لا يؤكل لا رطباً ولا يابساً .
وحال يؤكل رطباً ويابساً .
وحال يؤكل رطباً ولا يؤكل يابساً ، فإن كان قشره لا يؤكل بحال لا رطباً ولا يابساً كالرمان جاز الاستنجاء بقشره وهكذا لو استنجى برمانة حبها فيها جاز لأن المباشرة في الاستنجاء كانت بقشرها وهو غير مأكول وإن كان قشره قد يؤكل رطباً ويابساً كالبطيخ لم يجز الاستنجاء به رطباً ولا يابساً لأنه مأكول ، وإن كان قشره يؤكل رطباً ولا يؤكل يابساً كاللوز والباقلي لم يجز الاستنجاء بقشره رطباً لأنه مأكول وجاز الاستنجاء به يابساً لأنه غير مأكول ، فأما ما يأكله الآدميون والبهائم فإن كان أكل الآدميين له أكثر لم يجز الاستنجاء به وإن كان أكل البهائم له أكثر جاز الاستنجاء به وإن استويا ففيه وجهان من اختلاف أصحابنا في ثبوت الربا فيه . والله أعلم .
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فإن عدا المخرج فلا يجزئ فيه إلا الماء ، وقال في القديم يستطيب بالأحجار إذا لم ينتشر منه ما ينتشر من العامة في ذلك الموضع وحوله ‘ .
قال الماوردي : اعلم أن ما خرج من سبيل الدبر على ثلاثة أقسام :
أحدها : ألا يتعدى المخرج ولا يتجاوز الحلقة فله أن يستعمل الأحجار إن شاء لأن الرخصة فيه أتت فإن عدل إلى الماء جاز وإن جمع بينهما كان أولى فيبدأ بالأحجار الثلاث حتى يزول بها العين ثم يعقبها بالماء حتى يزول بها الأثر ليكون جامعاً بين الطهارتين فإن قدم استعمال الماء لم يستعمل الأحجار بعدها لأن الماء قد أزال العين والأثر فلم يبق للأحجار أثر فلو أراد الاقتصار على أحدهما ما كان بالماء إلينا أحب من الأحجار ، وحكي عن ابن عمر أنه كره استعمال الماء وحده لورود السنة بالأحجار وهذا لعلة قاله عند تعذر الماء وقلته في السفر وإلا فالماء أبلغ في التطهير من الحجر .