الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص159
والثامن : أن يقول بعد قضاء حاجته ما رواه سلمة بن وهرام عن طاوس قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ إذا خرج أحدكم من الخلاء فليقل الحمد لله الذي أذهب عني ما يؤذيني وأمسك على ما ينفعني ‘ فهذه ثمانية آداب تختص بالمستنجي في نفسه وهي تمام ستة عشر ، وبالله التوفيق .
قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وإن جاء من الغائط أو خرج من ذكره أو من دبره شيءٌ فليستنج بماءٍ أو يستطيب بثلاثة أحجارٍ ليس فيها رجيعٌ ولا عظمٌ ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال الاستنجاء واجب .
وقال أبو حنيفة : الاستنجاء ليس بواجب والصلاة بتركه مجزية ، وجعل محل الاستنجاء مقداراً يعتبر به سائر النجاسات وحده بالدرهم البغلي استدلالاً برواية أبي سعيد عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ من اكتحل فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ‘ ، فلما قرنه بالاكتحال ووضع الحرج عن تاركه دل على عدم إيجابه ، ولأنها نجاسة لا يلزمه إزالة أثرها فوجب أن لا يلزمه إزالة عينها كدم البراغيث .
ولأنها نجاسة لا تجب إزالتها بالماء فلم تجب إزالتها بغير الماء قياساً على الأثر . ودليلنا عموم قوله تعالى : ( وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ ) ( المدثر : 5 ) ، ولم يفرق ورواية أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إنما أنا لكم مثل الوالد إلى قوله فليستنج بثلاثة أحجارٍ ‘ . وهذا أمر يقتضي الوجوب وروى عروة عن عائشة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجارٍ يستطيب بهن فإنها تجزئ عنه ‘ ، فلما أمر بالأحجار وعلق الإجزاء بها دل على وجوبها وعدم الإجزاء بفقدها ، ولأنها نجاسة يقدر في الغالب على إزالتها من غير مشقة فاقتضى أن تكون إزالتها واجبة قياساً على ما زاد على قدر الدرهم ،