الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص152
والرابع : ما رواه محمد بن الحسن مذهباً ثانياً أنه أجاز استدبارها في الموضعين ، ومنع من استقبالها في الموضعين غير أن المذهب الأول هو الذي يعول عليه أصحابه .
واستدل من منع من استقبالها واستدبارها في الموضعين بحديثين :
أحدهما : حديث أبي هريرة المقدم ذكره أن النبي ( ص ) قال : ‘ فإذا ذهب أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائطٍ ولا بولٍ ‘ ، فكان على عمومه .
والثاني : ما رواه عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي ( ص ) نهى أن نستقبل القبلة لغائطٍ أو بولٍ ولكن شرقوا أو غربوا ، قال فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله تعالى .
وأما المعنى فهو إن قالوا كل حكم تعلق فيه القبلة استوى فيه البنيان والصحاري كالصلاة ، قالوا ولأنه مستقبل بفرجه إلى القبلة فوجب أن يكون ممنوعاً منه كالصحاري قالوا ولأنه إنما منع من استقبال القبلة في الصحراء تعظيماً لحرمتها وهذا المعنى موجود في البنيان كوجوده في الصحاري فوجب أن يستوي المنع فيهما .
قالوا : ولأنه ليس في البنيان أكثر من أنها حائل والحائل عن القبلة لا يمنع حكماً تعلق بها دليله الجبال في الصحارى لذي الحاجة ، والبنيان للصلاة .
واستدل من أباح ذلك في الموضعين بحديثين :
أحدهما : رواه مجاهد عن جابر أن النبي ( ص ) نهى عن استقبال القبلة واستدبارها ، ثم إني رأيته قبل موته بسنةٍ وقد قعد مستقبل القبلة لقضاء حاجته .
والثاني : ما رواه واسع بن حيان عن ابن عمر أنه قال : إن ناساً يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس لقد ارتقيت على ظهر بيتٍ لنا فرأيت رسول الله ( ص ) على لبنتين مستقبل بيت المقدس .