الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص151
قال الشاعر :
وعقد هذا الباب ومداره على حديث أبي هريرة المقدم ذكره أن النبي ( ص ) قال : ‘ إنما أنا لكم مثل الوالد ‘ يقصد بذلك والله أعلم ثلاثة أشياء :
أحدها : أنه جعلها مقدمة يأنس بها السامع لأن في الابتداء بذكر الغائط والبول وحشة على السامع .
والثاني : أنه حثهم على سؤاله فيما احتشم ذكره من أمر دينهم وأدبهم كما يسأل والده فيما احتشم غيره من سؤاله .
والثالث : التنبيه على أن الوالد يلزمه تعليم ولده ما احتاج إليه من دينه وأدبه مع ما فيه من التنبيه على القياس ، ثم أخذ في بيان الأدب الشرعي فقال : ‘ فإذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لغائط ولا بولٍ ‘ ، فاختلف الناس في استقبال القبلة واستدبارها للغائط والبول على أربعة مذاهب :
أحدها : أنه لا يجوز استقبالها ولا استدبارها في البنيان ولا في الصحاري وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه والثوري والنخعي وأحمد وأبي ثور وبه قال من الصحابة أبو أيوب الأنصاري .
والثاني : يجوز استقبالها واستدبارها في البنيان والصحاري وهو مذهب داود وبه قال عروة بن الزبير وربيعة بن أبي عبد الرحمن .
والثالث : أنه لا يجوز استقبالها ولا استدبارها في الصحاري ويجوز استقبالها واستدبارها في البنيان وهو مذهب الشافعي وبه قال من الصحابة عبد الله بن عمر ، ومن التابعين الشعبي ، ومن الفقهاء مالك وإسحاق .