پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص149

ولأن حدث الحيض أغلظ من حدث الجنابة ، لأنه يمنع من الصيام والوطء ولا يمنع منهما الجنابة ، فلما كان الجنب ممنوعاً فأولى أن تكون الحائض ممنوعة ثم من الدليل عليهما أن حرمة القرآن أعظم من حرمة المسجد فلما كان المسجد ممنوعاً من الحائض فأولى أن يكونا ممنوعين من القرآن ، وأما الجواب عن الآية فمن وجهين :

أحدهما : أن المراد بها فصلوا ما تيسر من الصلاة فعبر عن الصلاة بالقرآن لما يتضمنها منه .

والثاني : أنه عام خص منه الجنب والحائض بدليل .

وأما حديث عائشة أنه كان يذكر الله على كل حال فمحمول على الأذكار التي ليست قرآنا ، والحديث الآخر مخصوص .

( فصل )

: فإذا ثبت أن الجنب والحائض والنفساء ممنوعون من قراءة القرآن فلا يجوز لهم أن يقرءوا منه آية ولا حرفاً ، وقال مالك وأحمد والأوزاعي يجوز لهم أن يقرءوا الآية والآيتين تعوذاً وتبركاً .

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يقرءوا صدر الآية ولا يجوز أن يقرءوا باقيها وكلا المذهبين خطأ لأن حرمة يسيرة كحرمة كثيرة فوجب أن يستويا في الحظر ، ولأن ما منعت الجنابة من كثيره منعت من يسيره كالصلاة .

( فصل )

: ويجوز للمحدث أن يقرأ ، لأن النبي ( ص ) لم يكن يحجبه عن قراءة القرآن إلا أن يكون جنباً فدل على أن الحدث لم يمنعه وكذلك المستحاضة يجوز أن تقرأ لأنها كالمحدث ، فلو أراد الجنب والحائض أن يقرءا بقلوبهما من غير أن يتلفظا به بلسانهما جاز وهكذا لو نظرا في المصحف أو قرئ عليهما القرآن كان جائزاً لهما لأنهما ينسبان إلى القراءة في هذه الأحوال ، فأما القراءة سراً باللسان فلا يجوز لأن الإسرار بالقرآن كالجهر في صحة الصلاة والله أعلم .