پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص145

أنه غير مسلم ألا ترى أن الكافر لا يمنع من تلاوة القرآن ويمنع من مس المصحف فكذلك المحدث ، وأما الجواب عن ستر العورة فلأن العضو الذي يمسه به من جسده لا يتعدى كشف العورة إليه ويتعدى حكم الحدث إليه فافترقا .

( فصل )

: فإذا ثبت أن الطهارة مستحقة في حمل المصحف فلا يجوز للجنب والمحدث والحائض والنفساء حمله ، فأما الذي على بدنه نجاسة فلا يجوز أن يحمله أو يمسه بالعضو النجس من بدنه فأما بأعضائه التي لا نجاسة عليها ففيه وجهان :

أحدهما : لا يجوز لأنه ممنوع من الصلاة كالمحدث .

والثاني : وهو قول أبي إسحاق يجوز والفرق بين المحدث والنجاسة أن الحدث يتعدى إلى سائر الأعضاء والنجاسة لا تتعدى إلى غير ما هي عليه من الأعضاء .

( فصل )

: فإذا تقرر ما وصفنا فكل هؤلاء لا يجوز لهم حمل المصحف ولا سبع منه ، ولا جزؤ وإن قل ، وسواء حملوه مباشرين له بأيديهم أو وضعوه في أكمامهم أو أخذوه بعلاقة كل ذلك ممنوع منه ، وقال أبو حنيفة التحريم مقصور على مسه دون حمله كما يحرم على المحرم مس الطيب ولا يحرم عليه حمله وهذا غير صحيح ، لأن حمل المصحف أبلغ في الاستيلاء عليه من مسه فلما حرم الأدنى من المس كان تحريم الأغلظ من الحمل أولى فأما الطيب في المحرم فالتحريم فيه مقصور على الاستمتاع به وليس في حمله استمتاع به وفي حمله إن كان رطباً استمتاع به يمنع منه وليس فيه إن كان يابساً استمتاع به فلم يحرم وتحريم المصحف لحرمته فاستوى فيه مسه وحمله .

( فصل )

: وكذلك لا يجوز لهم مسه ولا مس ما لا كتابة فيه من جلده وورقه ، وأجاز أبو حنيفة للمحدث دون الجنب أن يمس من المصحف ما لا كتابة فيه من جلد وورق ، ولم يحمله بعلاقته استدلالاً بأن الحرمة إنما تختص بالكتابة المتلوة دون الجلد والورق وهذا خطأ لأن الجلد والورق الذي لا كتابة فيه من جملة المصحف بدليل أن من حلف لا يمس المصحف حنث بمس جلده وبياضه كما يحنث بمس كتابته ، فوجب أن يحرم عليه مس جلده كما يحرم عليه مس كتابته كالجنب وقد تحرر من هذا الاستدلال قياسان :

أحدهما : أن ما حرم أن يمسه الجنب حرم أن يمسه المحدث كالكتابة .

والثاني : أن من حرم عليه من المصحف مس ما فيه من الكتابة حرم عليه أن يمس ما ليس فيه كتابة كالجنب .

( فصل )

: فأما حمل الدراهم والدنانير التي عليها القرآن فهي ضربان ؛

أحدهما : ما لا يتداوله الناس كثيراً ولا يتعاملون به غالباً كالدراهم والدنانير التي عليها سورة الإخلاص فلا يجوز لهم حملها لأن الحرمة للمكتوب من القرآن لا للمكتوب فيه ، فلا فرق بين أن يكون القرآن مكتوباً على ورق أو على فضة وذهب .