پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص144

سليمان والحكم بن عيينة استدلالاً بما روي أن النبي ( ص ) كتب إلى قيصر ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ) ( آل عمران : 64 ) . وقد علم من حالهم أنهم يمسونه ويتداولونه على غير طهارة ، قالوا : ولأن الطهارة لما لم تجب لقراءة القرآن فأولى ألا تجب بحمل ما كتب فيه القرآن ، قالوا : ولأن كلما لم يكن ستر العورة مستحقاً فيه لم تكن الطهارة مستحقة فيه كأحاديث النبي ( ص ) وكتب الفقه .

ودليلنا قوله تعالى : ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) ( الواقعة : 79 ) . ومعلوم أن القرآن لا يصح مسه فعلم أن المراد به الكتاب الذي هو أقرب المذكورين إليه ولا يتوجه النهي إلى اللوح المحفوظ لأنه غير منزل ومسه غير ممكن ، وروي عن عبد الله بن أبي بكر أن النبي ( ص ) كتب إلى عمرو بن حزم حين بعثه إلى نجران : ‘ ألا تمس المصحف إلا وأنت طاهرٌ ‘ ، وروى حكيم بن حزام أن النبي ( ص ) قال : ‘ لا تمس المصحف إلا طاهراً ‘ ، فإن قيل أراد بقوله إلا طاهراً يعني : إلا مسلماً .

قيل فقد روي عن ابن عمر أن النبي ( ص ) قال له : ‘ لا تمس المصحف إلا وأنت طاهرٌ ‘ ، فبطل هذا التأويل ، ولأنه إجماع الصحابة روى ذلك عن علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص ، وعبد الله بن عمر وليس لهم في الصحابة مخالف ، ولأنه لما كان التطهير من النجاسة مستحقاً كان التطهير من الحدث مستحقاً فيه كالصلاة .

فأما الجواب عن كتابه إلى قيصر فمن وجهين :

أحدهما : أن قيصر كان مشركاً والمشرك ممنوع من مسه بالاتفاق فلم يكن فيه دليل .

والثاني : أنه كان كتاباً قد تضمن مع القرآن دعاء إلى الإسلام ، فلم يكن القرآن بنفسه مقصوداً فجاز تغليباً للمقصود فيه ، وأما الجواب عن قولهم أن تلاوة القرآن أغلظ حكماً فهو