الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص135
قال الشافعي رضي الله عنه : والنزعتان من الرأس . أما النزعتان فهما البياض الذي يستعلي في مقدم الرأس من جانبيه وهما من الرأس وقد ذهب قوم إلى أنهما من وجه لذهاب الشعر عنهما واتصال بشرة الوجه بهما واستشهدوا بقول الشاعر وهو هدبة بن خشرم :
فأضاف النزعة إلى الوجه فعلم أنها منه وهذا خطأ .
والدليل على أن النزعتين من الرأس دخولهما في حد الرأس وليس ذهاب الشعر عنهما بمخرج لهما من حكم الرأس .
كما أن الأجلح والأجله الذي قد ذهب الشعر من مقدم رأسه كله ، والأجلح الذي قد ذهب شعر ناصيته كله لا يخرج ذلك عن حكم الرأس وإن ذهب شعره كذلك الأنزع فلهذا دليل ولأن الأغم هو الذي قد انحدر شعر رأسه في جبهته وكذلك الأنزع ثم لا يدل على أن ما انحدر في الجبهة من شعر الأغم والأنزع من شعر الرأس كذلك لا يدل على أن ما استعلى في الرأس من بياض الأنزع من الوجه فهذا دليل ، ولأن العرب مجمعة على أن النزعة من الرأس وذلك ظاهر في شعرهم قال الشاعر :
وشعر هدبة بن خشرم دال عليه أيضاً لأنه قال :
والوجه بالخفض عطف على القفا فكأنه قال أغم القفا وأغم الوجه فدل على أن الغمم من الوجه ثم قال ليس بأنزعا على معنى الابتداء ، فإذا ثبت ما ذكرنا أن النزعتين من الرأس فمسح عليهما أو على أحدهما أجزأه والله أعلم بالصواب .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، قد ذكرنا أن الواجب من الرأس مسح بعضه ، فأما الوجه في التيمم فالواجب مسح جميعه فإن قيل وهو سؤال لمن أوجب مسح جميع الرأس من مالك ومن تابعه لم أجزتم مسح بعض الرأس في الوضوء ومنعتم من مسح بعض الوجه