پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص118

رافع أن النبي ( ص ) مسح برأسه ثلاثاً . وروت الربيع بنت معوذ بن عفراء أن النبي ( ص ) مسح برأسه مرتين ، ولأنه أحد أعضاء الطهارة فوجب أن يكون التكرار في إيصال الماء إليه مسنوناً قياساً على سائر الأعضاء ، ولأن المسح أحد نوعي الوضوء فكان التكرار مسنوناً فيه كالغسل .

فأما الجواب عن روايتهم بأنه مسح مرة فهو أنها محمولة على الجواز ، وأحاديثنا على الاستحباب . وأما قياسهم على التيمم والمسح على الخفين فالمعنى فيهما أنها طهارة أسقط فيها المسنون واقتصر على بعض الفرض ، فكأن التكرار أسقط ، وليس كذلك مسح الرأس لأن المسنون معتبر فيه كسائر أعضاء الوضوء .

وأما الجواب عن قولهم إن العضو الواحد لا يدخله المسنون من وجهين فغلط ، ولا يمتنع ذلك في الوضوء ، ألا ترى أن الوجه فيه سنتان : المضمضة والاستنشاق والتكرار ثلاثاً فكذا الرأس وأما قولهم أنه يصير بتكرار المسح مغسولاً ففيه جوابان :

أحدهما : أن المكروه هو أن يبتدئ بغسله وهذا لم يبتدأ به ، وإنما أفضى إليه .

والثاني : لا يصير مغسولاً لأن حد الغسل أن يجري الماء بطبعه وذلك لا يكون بتكرار مسحه .

( فصل )

: فإذا تقرر ما وصفنا ففي مسح الرأس أربعة أحكام فرض وسنتان وهيئة ، فأما الفرض فمسح بعضه وإن قيل ، وأما السنتان فإحداهما ، استيعاب جميعه .

والثانية : تكراره ثلاثاً ، وأما الهيئة فالبداية بمقدم رأسه ثم إذهاب يديه إلى مؤخره ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ، فلو اقتصر على الفرض فمسح بعض رأسه أجزأه إذا مسح ثلاث شعرات فصاعداً ، وإن اقتصر على مسح شعرة واحدة ففي إجزائه وجهان :

أحدهما : وهو مذهب البغداديين من أصحابنا وبه قال سفيان الثوري يجزئه لأنه مسح جزءاً من رأسه .

والوجه الثاني : وهو قول البصريين من أصحابنا أنه لا يجزئه لتعذر ذلك في الإمكان إلا بمشقة ، ولأن الحكم المتعلق بالرأس لا يكمل إلا بثلاث شعرات كالفدية على المحرم .

قال رضي الله عنه : والذي أراه أولى بالحق عندي أنه لا يتقدر أقله بهذا العدد من ثلاث شعرات وما دونها بل يكون مسح أقله معتبراً بأن يمسح بأقل شيء من إصبعه على أقل شيء من رأسه ، فيكون هو الأقل الذي لا يجزئ دونه لأنه أقل ما يقتصر عليه في العرف وما