الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص101
قالوا : ولأنها عبادة تبطل بالحدث فوجب أن يفتقر ابتداؤها إلى نطق كالصلاة ودليلنا قوله تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) [ المائدة : 6 ] فلما كانت واجبات الوضوء مأخوذة منها لقوله ( ص ) للأعرابي : ‘ توضأ كما أمرك الله ‘ ، ولم يكن للتسمية فيها ذكر فدل على أنها غير واجبة ، وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من توضأ وذكر اسم الله عليه كان طهورا لجميع بدنه ، ومن توضأ ولم يذكر اسم الله عليه كان طهورا لأعضائه ‘ ، ولأنها عبادة ليس في آخرها نطق واجب فوجب أن لا يكون في ابتدائها نطق واجب كالصيام ولأنها طهارة فوجب أن لا يكون من شرطها التسمية كإزالة النجاسة .
فأما استدلالهم بالحديث فضعيف الإسناد لأنه مروي من طريقين واهيين .
أحدهما : أبو فضال عن جدته عن أبيها أنه سمع أبا هريرة والثاني : يعقوب بن سلمة عن أبيه عن جده عن أبي هريرة ، وقد قال أحمد بن حنبل ليس في التسمية حديث ثبت ولو سلم لكان الجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن تحمل التسمية على النية وهو تأويل الأوزاعي .
والثاني : أنه محمول على نفي الكمال دون الإجزاء ، وأما قياسهم على الصلاة فمنتقض بالطواف ، ثم المعنى في الصلاة أنه لما كان في آخرها نطق واجب كان في أولها نطق واجب وليس كذلك في الوضوء .
قال الماوردي : وهذا كما قال غسل الكفين ثلاثا قبل إدخالهما الإناء سنة على كل متوضئ أو مغتسل وليس بواجب وهو قول الجمهور ، وقال الحسن بن أبي الحسن البصري : غسل الكفين قبل إدخالهما الإناء واجب على من قام من النوم فإن غمسهما في الإناء قبل غسلهما نجس الماء سواء تيقن نجاسة كفيه أم لا ، وقال داود : غسلهما واجب لكن لا ينجس الماء بترك الغسل إلا أن يعلم نجاسة كفيه .