الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص95
الجنابة أو كانت امرأة فنوت غسل الحيض أجزأهما ذلك فلو كان جنبا فنوى رفع الحدث الأصغر لم يجزه وإن كان محدثا فنوى رفع الحدث الأكبر أجزأه ، لأنه يصح أن يرفع الأدنى بالأعلى ، ولا يصح أن يرفع الأعلى بالأدنى .
فإن كان متيمما لم يجز أن ينوي رفع الحدث ، لأن حدثه لا يرتفع بالتيمم وهكذا المستحاضة ، ومن به سلس البول لا يجوز لهم أن ينووا رفع الحدث لأن حدثهم لا يرتفع .
وفيه وجه آخر لبعض أصحابنا : أنه يجوز للمتيمم والمستحاضة ، ومن به سلس البول أن ينووا رفع الحدث ، لأن المقصود برفع الحدث استباحة الصلاة وهؤلاء قد يستبيحون الصلاة بطهارتهم .
فأما القسم الثاني : وهو أن ينوي استباحة الصلاة فيجزئه ، لأن الحدث مانع من استباحتها فصار استباحتها رفعا للحدث ، وسواء كان متوضئا أو مغتسلا فليس عليه تعيين الصلاة التي يستبيح فعلها وسواء نوى استباحة الصلوات كلها أو نوى استباحة صلاة بعينها سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا ، لأن النقل لا يصح فعله بالحدث كالفرض .
فأما المتيمم فقد اختلف أصحابنا هل يلزمه في نيته تعيين الصلاة التي يريد أن يستبيحها بتيممه أم لا على وجهين :
أحدهما : لا يلزمه ذلك كالوضوء والغسل .
والوجه الثاني : يلزمه في النية أن يعين الصلاة التي يتيمم لها لأن التيمم لما لم يرفع الحدث واختص بأداء فرض واحد من جميع الصلوات المفروضات صار شرطا فيها فيلزمه تعيينها إلا أن يريد التيمم لنافلة فيجوز ألا ينوي تعيين النية لها لأن النوافل لا تتعيين . فلو توضأ رجل لصلاة الظهر جاز أن يصليها وما شاء من الصلوات المفروضات والمسنونات ما لم يحدث لأن النبي ( ص ) قال لعمر حين أذكره عام الفتح أنه صلى الخمس بوضوء واحد فقال عليه السلام عمدا فعلت ذلك يا عمر . فلو توضأ لصلاة الظهر على ألا يصلي به ما سواها من الصلاة ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا :
أحدها : أن وضوءه صحيح ويصلي به ما شاء من الصلوات لأن الحدث إذا ارتفع لصلاة ارتفع لجميع الصلوات .
والوجه الثاني : أن وضوءه باطل وحدثه باق لأن حدثه إذا لم يترفع لجميع الصلوات لم يرتفع لتلك الصلاة .