الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص94
والوجه الثالث : وهو قول أبي العباس بن سريج أنه لا يجزئه سواء نوى عند غسل كفيه أو عند المضمضة والاستنشاق حتى ينوي عند غسل الوجه ، لأن الوضوء قد يصح بغير مضمضة واستنشاق إلا أن يكون حين تمضمض أو استنشق أصاب الماء شيئا من وجهه فيجزئه لأنه يصير ناويا عند غسل وجهه .
فأما القسم الأول : وهو أن ينوي رفع الحدث فله ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون متوضئا .
والثاني : أن يكون مغتسلا .
والثالث : أن يكون متيمما .
فإن كان متوضئا أجزأه أن ينوي رفع الحدث سواء عين الحدث في نيته أو لم يعينه نوى رفع جميعها ، أو رفع أحدها ، وإنما أجزأه أن ينوي رفع الحدث ، لأن الحدث هو المانع من الصلاة فإذا نوى رفعه زال ما كان مانعا من الصلاة وأجزأه .
فلو كان به حدثان حدث من بول وحدث من نوم فنوى رفع أحدهما ارتفعا معا لأنه لا يصح بقاء أحدهما مع ارتفاع الآخر ، فلو نوى رفع أحدهما على ألا يرفع الآخر ففي صحة وضوئه وارتفاع حدثه وجهان :
أحدهما : أن وضوءه باطل وحدثه باق ، لأنه لما شرط في نيته بقاء أحد الحدثين كان ذلك قادحا ففسدت النية .
والوجه الثاني : أن وضوءه صحيح وحدثه مرتفع ، لأنه لما نوى رفع أحد الحدثين كان ذلك أقوى حكما ، فبطل الشرط ، فلو كان به حدث من بول لا غير فنوى رفع الحدث من نوم ولم يكن قد أحدث عن نوم أجزأه لأن تغيير النية عن الحدث لا يلزم ، والنوم حدوث فصار ناويا رفع الحدث .
وإن كان مغتسلا فيحتاج أن ينوي رفع الحدث الأكبر فلو نوى رفع الحدث ولم يذكر في نيته الأكبر أجزأه ، لأن نيته تنصرف إلى حدثه الذي هو فيه ، فلو كان به حدثان أصغر وأكبر فاغتسل فنوى رفع الحدث فقد اختلف أصحابنا في الحدث الأصغر هل يسقط حكمه بالحدث الأكبر ؟ على وجهين :
أحدهما : قد سقط حكمه فعلى هذا يجزئه غسله عن حدثه الأكبر .
والوجه الثاني : أنه لا يسقط حدثه الأصغر فعلى هذا لا يجزئه غسله من واحد من الحدثين لامتيازهما وإن أطلق النية يحتمل التشريك بينهما ، فلو عين النية فنوى غسل