الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص93
لحكم نيته فلا يحدث نية تخالف ما تقدم من نيته وإن أخل بذكره عامدا أو ناسيا أجزأه ، وهذا لازم له بعد الوجه إلى فراغه من طهارته ، فإن استدامها ذكرا كان أكمله .
وأما الحال الثانية : في الجواز : فهو أن يبتدئ بالنية عند غسل الوجه فيجزئه وإن أخل بالنية فيما قبل ، لأن ما تقدم الوجه في الوضوء من غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق مسنون وليس بواجب ، وتركه لا يقدح في وضوئه فكذلك ترك النية عنده .
لكن اختلف أصحابنا فيما فعله ثم أحدث النية بعده . هل يكون فاعلا للمسنون منه معتدا به من وضوئه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يكون فاعلا لمسنونه ، ولا معتد به من وضوئه لخلوه عن نية قارنته أو تقدمته .
والوجه الثاني : أن يكون فاعلا للسنة معتدا به من الوضوء ، لأنه من جملة طهارة قد أتى بالنية لها في محلها ، فلو نوى بعد أن غسل بعض وجهه انعقدت نيته ولزمه إعادة غسل ما كان غسله كالجنب إذا نوى عند غسل بعض جسده .
وأما الحال الثالثة في الفساد : فهو أن ينوي بعد غسل الوجه فلا يجزئه لفساد نيته بتأخيرها عن ابتداء وضوئه ، وعليه أن يعيد غسل وجهه مبتدئا بالنية به حتى تكون النية مقارنة لغسل الوجه .
وأما الحال الرابعة في اختلاف النية : فهو أن ينوي قبل غسل وجهه ويحل بالنية عند غسل وجهه فإن نوى قبل أخذه في الوضوء في غسل الكفين والمضمضة والاستنشاق لم يجزه .
وإن نوى عند غسل كفيه أو عند المضمضة والاستنشاق فقد اختلف أصحابنا في جواز ذلك على ثلاثة أوجه :
أحدها : وهو قول أبي حفص بن الوكيل أنه يجزئه لأن غسل الكفين شروع في الوضوء فصارت النية موجودة عند ابتدائه .
والوجه الثاني : وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا يجزئه عند غسل كفيه ، لأنه غسل لا يعتد به ، ويجزئه عند المضمضة والاستنشاق ، لأنهما في الوجه فصارت النية موجودة عند أخذه في تطهير الوجه .