الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص92
فأما الفصل الأول : وهو محل النية : فهو القلب ، لأنها مشتقة من الإناء ، لاختصاصها بإناء أعضاء الجسد وهو القلب . فالنية اعتقاد بالقلب وذكر باللسان .
وقال أبو عبد الله الزبيري من أصحابنا : النية اعتقاد بالقلب وذكر باللسان ليظهر بلسانه ما اعتقده بقلبه فيكون على كمال من نيته وثقة من اعتقاده ، وهذا لا وجه له ؛ لأن القول لما اختص باللسان لم يلزم اعتقاده بالقلب وجب أن تكون النية إذا اختصت بالقلب لا يلزم ذكرها باللسان . فعلى هذا لو ذكر النية بلسانه ولم يعتقدها بقلبه لم يجزه على المذهبين معا . فلو اعتقدها بقلبه وذكرها بلسانه أجزاه على المذهبين جميعا وذلك أكمل أحواله . ، ولو اعتقد النية بقلبه ولم يذكرها بلسانه أجزاء على مذهب الشافعي ، ولم يجزئه على مذهب الزبيري .
ومن حكم العبادة أن تكون النية منوطة بأولها ما خلا الصوم المخصوص بالشرع وإذا كان كذلك فله في النية أربعة حوال :
أحدها : حال استحباب .
والثانية : حال جواز .
والثالثة : حال فساد .
والرابعة : حال اختلاف .
فأما الحالة الأولى : في الاستحباب ، فهو أن يبتدئ بالنية عند غسل كفيه ويستديمها ذكرا إلى غسل وجهه ، ثم عليه بعد الوجه أن يستديمها حكما وليس عليه أن يستديمها ذكرا ، ومعنى استدامتها ذكرا : أن يكون مستصحبا لذكرها واعتقادها ، فإن أخل بها ناسيا أو عامدا لم يجزه ، وهذا لازم له في الوضوء إلى غسل الوجه واستدامتها حكما أن يكون مستصحبا