الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص90
وبيانه : أن أبا حنيفة أوجب النية في تجديد الوضوء فاقتضى أن تجب النية في فرضه .
وأما الجواب عن استدلالهم بالآية فهو أن وجهي استدلالنا يمنع من الاستدلال علينا بها .
وأما الجواب عن استدلالهم بحديث الأعرابي فهو : أن في قوله : توضأ كما أمرك الله ، وقد ثبت بما ذكرنا أن الله تعالى قد أمر بالنية دليل على أن أمر الأعرابي متضمن النية .
وأما الجواب عن قياسهم على إزالة النجاسة فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أن قوله طهارة بالماء لا تأثير له في الأصل ، لأن إزالة النجاسة بالجامد والمائع سواء في سقوط النية ، وإذا لم يكن له تأثير في الأصل سقط اعتباره وانتقضت النية ، بالتيمم .
والثاني : أنا نقلبه عليهم ، فنقول فوجب أن يستوي الطهارة بالمائع والجامد في اعتبار النية قياسا على إزالة الأنجاس .
والثالث : أن إزالة الأنجاس طريقها الترك ، والتروك لا تفتقر إلى نية . كترك الربا والقتل ، والغصب ، والوضوء فعل ، والفعل من شرطه النية كالصلاة ، والحج ، والصوم ، مخصوص من سائر التروك بإيجاب النية فيه ، ، والقياس على الجملة دون المخصوص على أن المعنى في النجاسة أنها طهارة لا تتعدى إلى محل موجبها . والحدث يتعدى محل موجبه كالتيمم .
وأما الجواب عن قياسهم ، على ستر العورة فمن وجهين :
أحدهما : أن ستر العورة لا يختص بالصلاة ، لأنه واجب في الصلاة وغير الصلاة ، وليس كذلك الطهارة لاختصاصها بالصلاة .
والثاني : أن ستر العورة للصلاة مقارن للصلاة من أولها إلى آخرها ، فاكتفى بنية الصلاة كاستقبال القبلة ، وليس كذلك حال الوضوء ، لأن فعله يتقدم الصلاة ، وإنما يستصحب حكمه في الصلاة فلم يجزه نية الصلاة .
وأما الجواب عن استدلالهم بطهارة الذمية فهو : أن طهارتها غير مجزئة ، وكذلك لزمها إعادة الطهارة إذا أسلمت ، وإنما أجزنا غسلها في حق الزوج ، لأن حق الزوج مضيق ، وفي منعه من وطئها إلا بعد إسلامها تفويت لحقه ومنع من تزويج أهل الذمة ، فصارت كالمجنونة التي يستبيح زوجها وطأها إذا اغتسلت في جنوبها بغير نية للضرورة الداعية ، ولو أفاقت لم يجز وطؤها إذا اغتسلت إلا بنية كذلك الذمية يجوز وطؤها إذا اغتسلت من حيضها بغير نية ، ولو أسلمت لم يجز وطؤها إذا اغتسلت إلا بنية .