الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص88
الزيادة عليها ، وبما روى أن أعرابيا قال كيف أتوضأ يا رسول الله فقال : توضأ كما أمرك الله ، اغسل وجهك وذراعيك وامسح برأسك واغسل رجليك .
فأجابه على ما تضمنته الآية من غسل هذه الأعضاء دون النية .
قالوا : ولأنها طهارة بالماء فوجب ألا تفتقر إلى نية كإزالة النجاسة .
قالوا : ولأنه أصل يستباح به الصلاة فوجب ألا يفتقر إلى نية كستر العورة .
قالوا : ولأن النية لو كانت من شروط صحة الطهارة لما صح غسل الذمية من الحيض ، ولما استباح الزوج المسلم وطأها ، وفي إجماعهم على صحة غسلها وجواز وطئها دليل على أن النية ليست شرطا في صحة طهارتها .
ودليلنا قوله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) [ البينة : 5 ] [ فأمروا ] بالإخلاص في العبادة والإخلاص عمل القلب .
وقال تعالى : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم ) [ المائدة : 6 ] . ومنها دليلان :
أحدهما : أن قوله : ( فاغسلوا وجوهكم ) [ المائدة : 6 ] . يعني : للصلاة فحذف ذكرها اكتفاء بما تقدم منه كما يقال : إذا رأيت الأمير فقم يعني : للأمير . وإذا رأيت الأسد فتأهب يعني : للأسد ، ومثله قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38 ] . يعني : للسرقة .
والثاني : أن قوله : ( إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ) [ المائدة : 6 ] . يعني : قبل قيامكم فاغسلوا وجوهكم لإرادة الصلاة .
ومن السنة ما رواه الشافعي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التميمي عن علقمة بن وقاص الليثي قال : سمعت عمر بن الخطاب على المنبر يحدث عن رسول الله ( ص ) قال : إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى