الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص71
أحدهما : أن قوله لا بأس لا يدل على الطهارة وإنما يقتضي إباحة الاستعمال .
والثاني : أنه شرط فيه الغسل فاقتضى أن يكون قبل الغسل نجسا والغسل غير معتبر فلم يكن في ظاهره دليل .
وأما الجواب عن قوله حين سئل عن الفراء ‘ أين الدباغ ‘ يعني لاستصلاح لبسها إذ لا يكون لبسها قبل الدباغ .
وأما استدلالهم فإنما لم ينجس بموت الأم لأمرين :
أحدهما : أنه منفصل عنها والشعر متصل بها .
والثاني : أن الحياة لا تفارق الولد بموت الأم وتفارق الشعر بموت الأصل لوجود النماء في الولد وفقد النماء في الشعر فإذا ثبت نجاسة الشعر بالموت فلا يطهر بالغسل ، ولا بالدباغ .
وقال الحسن البصري والليث بن سعد والأوزاعي : والشعر ينجس بالموت ولكن مطهر بالغسل لقوله عليه السلام : ‘ لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ وشعرها إذا غسل ‘ وهذا الذي قالوه ليس بصحيح ، لأن الأعيان النجسة لا تطهر بالغسل كاللحم ، والروث ، والخبر محمول على نفي الناس في إباحة الاستعمال في حصول التطهير ، فلو دبغ جلد الميتة بشعره لطهر الجلد دون الشعر ، لتأثير الدباغة في الجلد دون الشعر ، ولا يستحب استعماله إلا بعد إماطة الشعر عنه ، فإن استعماله قبل إماطته في يابس جاز وإن استعماله في ذائب نظر ، فإن استعمله في باطنه الذي لا شعر عليه جاز ، وإن استعمله في ظاهره الذي عليه الشعر نجس ، إلا أن يكون قلتين من ماء فيكون طاهرا .