الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص69
والثاني : أنه خطاب خرج على وجه الامتنان فلم يجز أن يحكم بتنجيس شيء منه لما فيه من إسقاط الامتنان .
والثاني : حديث أم سلمة أن النبي عليه السلام قال : ‘ لا بأس بمسك الميت إذا دبغ وشعرها إذا غسل ‘ ، فما اقتضى هذا الحديث طهارة الشعر بعد الغسل والعين النجسة لا تطهر بالغسل دل على طهارة الشعر قبل الغسل .
والثالث : ما روي أن النبي – عليه السلام – سئل عن الفراء فقال : ‘ أين الدباغ ‘ فدل على طهارة الشعر بالدباغ .
والرابع : أن الأعيان التي لا تنجس بانفصالها من الحيوان الحي لا تنجس باتصالها بالحيوان كالولد طردا والأعضاء عكسا ، فلما لم ينجس الشعر بأخذه حيا لم ينجس باتصاله ميتا .
والدلالة عليهم من وجهين :
أحدهما : إثبات الحياة فيه .
والثاني : نجاسة الموت . فأما الدليل على ثبوت الحياة فثلاثة أشياء :
أحدها : قوله تعالى : ( قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) [ يس : 78 ، 79 ] . والإحياء أنما يكون بحياة تعود بها إلى ما قبل الموت .
والثاني : أن النماء من سمات الحياة لحدوث النماء بوجودها وفقده بزوالها فلما كان الشعر ناميا في حال الاتصال مفقود النماء بعد الانفصال دل على ثبوت الحياة فيه .
والثالث : أن ما اتصل ناميا بذي حياة وجب أن تحله كاللحم طردا واللبن عكسا .
وأما الدليل على نجاسة بالموت فخمسة أشياء :
أحدها : قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] . هذا تحريم تنجيس لعدم حرمته والشعر من جملة الميتة ، لأنه لو حلف لا يمس ميتة يحنث بمسه وليس إذا انفرد باسم بعد الانفصال فخرج من أن يكون من الجملة في الاتصال كاسم الإنسان ، وإذا كان كذلك وجب أن يدخل في عموم التحريم .
والثاني : أنه شعر نابت على محل نجس فوجب أن يكون نجسا كشعر الخنزير .
والثالث : أن ما طرأ على الحيوان من حظر تعلق به وبالشعر كالإحرام .