الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص59
النبي ( ص ) : ‘ نهى عن افتراش جلود السباع ‘ فلو كانت تطهر بالدباغة لم ينه عن افتراشها ، ولأنه حيوان لا يطهر جلده بالذكاة فوجب أن لا يطهر بالدباغة كالكلب ، والخنزير ، ولأن الدباغة أحد ما يطهر به الجلد فوجب أن ينتفي عن غير المأكول كالذكاة .
ودليلنا عموم قوله عليه السلام : ‘ أيما أهاب دبغ فقد طهر ‘ ولأنه حيوان طاهر فجاز أن يطهر جلده بالدباغة كالمأكول ولأن ما ينفي عن المأكول تنجيس جلده نفي عن غير المأكول تنجيس جلده كالحياة . وأما الجواب عن الخبر ، فقد تقدم من الفرق بين الدباغة والذكاة ما يوضح الجواب عنه .
وأما نهيه عن افتراش جلود السباع فمحمول على ما قبل الدباغة أو على ما بعد الدباغة إذا كان الشعر باقيا ، لأن المقصود منها شعورها كالفهودة والنمورة .
وأما قياسه على الكلب والخنزير فالمعنى فيه : نجاسة في الحياة ، وأما قياسه على الذكاة فالمعنى في الذكاة : أنها لا مدخل لها في إزالة الأنجاس ، وللدباغة مدخل في إزالة الأنجاس .
وقال أحمد بن حنبل : جلد الميتة لا يطهر بالدباغة لعموم قوله تعالى : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] . إشارة إلى حملها وإجرائها .
وبرواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال : كتب إلينا رسول الله ( ص ) قبل موته بشهرين : ‘ أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ‘ . ولأن ما نجس بالموت لم يطهر بالدباغة كاللحم ، ولأن ما لم يطهر به اللحم لم يطهر به الجلد كالغسل ، ولعلة التنجيس بالموت ، فلم يجز أن يرتفع التنجيس مع بقاء الموت ، لأن ارتفاع الحكم مع بقاء العلة محال .
ودليلنا : ما رواه الشافعي عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن وعلة المصري عن