الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص54
ومن فروع هذا الفصل أن المني إذا وقع في الماء كان طاهرا لطهارة المني ، فإن لم يغير الماء جاز استعماله وإن تغير ففيه وجهان :
أحدهما : أن استعماله غير جائز كما لو تغير بمائع غير المني .
والثاني : أن استعماله جائز لأنه لا يكاد يماع في الماء كالدهن ، فلم يمنع من استعماله ، لأن تغيره تغير مجاورة .
قال أبو العباس بن العاص : إن الورق في الماء بعد أن ربا فاستعماله غير جائز ، وإن لم يعصر فيه جاز استعماله ، فأما إذا كان ورق الشجر مدقوقا ناعما فغير الماء لم يجز استعماله ، لأنه تغير مخالطة كالزعفران ، وقال أبو حامد الاسفرايني : يجوز استعماله كما لو كان صحيحا ، وهذا غير صحيح ، لأن تغير الماء بالورق المدقوق تغير مخالطة ، وتغيره بالورق الصحيح تغير مجاورة .
ومن فروع هذا الفصل أن الماء إذا تغير بالملح لم ينحل أن يكون ملح حجر أو ملح جمد فإن كان ملح حجر فاستعمال ما تغير به من الماء غير جائز ، كما لو تغير الماء بما ينحل فيه من جواهر الأرض كالكحل وغيره ، وإن كان ملح جمد ففي جواز استعماله وجهان :
أحدهما : يجوز لأن أصله ما قد جمد ، فإذا ذاب لم يمنع من جواز الاستعمال كالثلج إذا ذاب .
والوجه الثاني : لا يجوز استعماله لأنه قد استحال عن الماء فصار جوهرا كغيره . ومن فروع هذا الفصل أن الماء إذا تغير بالجماد أو بطول المكث كان استعماله جائز لأنه تغير مجاورة ، فأما إذا تغير بالتراب فإن صار بحيث لا يجزئ بطبعه لم يجز استعماله ، لأنه صار علينا ، وإن كان جاريا بطبعه لكن تكدر لونه وتغير طبعه ففي جواز استعماله قولان :
أحدهما : لا يجوز لأنه مذرور .
والقول الثاني : وهو الأصح يجوز قرار للماء لا ينفك غالبا عنه كالطين .