پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص53

فصل

فإذا تقرر ما ذكرنا من تقسيم المياه فجميع الفروع مرتب عليها ومستفاد منها فمن فروع هذا الفصل أن التمر والزبيب والبر والشعير إذا وقع في الماء فغيره ، فإن كان بحاله صحيحا لم ينحل في الماء فاستعماله جائز ، لأنه تغيير مجاورة كما لو تغير بالخشب وإن ذاب في الماء وانحل فاستعماله غير جائز ، لأنه تغيير مخالطة كما لو تغير بمذرور الزعفران والعصفر ، وهكذا حكم سائر الحبوب من الأرز والحمص والعدس وإن طبخ بالنار فإن انحلت في الماء فاستعماله غير جائز ، وإن لم ينحل ولا تغير بها الماء فاستعماله جائز ، وإن تغير بها الماء من غير انحلال أجزائها ففي جواز استعماله وجهان :

أحدهما : يجوز كما لو يتغير بلا انحلال من غير طبخ .

والثاني : لا يجوز استعماله ، لأنه بالطبخ صار مرقا .

ومن فروع هذا الفصل أن القطران إذا وقع في الماء فغيره فقد قال الشافعي في كتاب الأمم : لا يجوز استعماله ، وقال في موضع آخر : يجوز استعماله ، وليس ذلك على قولين كما وهم فيه بعض أصحابنا ، ولكن القطران على ضربين :

[ الأول ] : ضرب فيه دهنية فتغير الماء به لا يمنع من جواز استعماله ، كما لو تغير بدهن .

و [ الثاني ] : ضرب لا دهنية فيه فتغير الماء فيه مانع من جواز استعماله ، كما لو يتغير بمائع .

ومن فروع هذا الفصل : أن الماء إذا تغير بالشمع جاز استعماله ، كما لو تغير بدهن ، ولو تغير شحم أذيب فيه بالنار كان في جواز استعماله وجهان :

أحدهما : يجوز لأن الشحم دهن .

والثاني : لا يجوز استعماله لأن مخالطة الشحم للماء تجعله مرقا .

ومن فروع هذا الفصل : أن الماء إذا تغير بالكافور فله ثلاثة أحوال :

حال يعلم انحلال الكافور فيه فاستعماله غير جائز ، لأنه تغير مخالطة .

وحال يعلم أنه لم ينحل فيه فاستعماله جائز ، لأنه تغير مجاورة .

وحالة شك فيه ، فينظر في صفاء التغير ، فإن تغير الطعم دون الرائحة فهو دال على تغير المخالطة ولا يجوز استعماله ، وإن كان تغير الريح ففيه لأصحابنا وجهان :

أحدهما : أن يغلب فيه تغير المخالطة فعلى هذا لا يجوز استعماله .

والثاني : أنه يغلب تغير المجاورة فيجوز استعماله .