الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص52
وأما قياسهم الرأس والرجلين به في انتقالهما إلى بلل يدل على الوجه والذراعين .
والجواب عنه أنه لما سقط فرض الرأس والرجلين عنه بدل الوجه والذراعين لم يجز أن يصير إذا بدل كالوجه والذراعين .
وأما قياسهم على العتق في الكفارة فمنتقص بالعتق في كفارة القتل ليس له بدلا إلا الصوم ، ثم المعنى في بدل العتق في الكفارة وجود النص فيهما ، واقتصار النص في الوضوء على أحدهما ، فلما لم يجز أن يلحق بالثاني من بدل العتق جنس البدل الثاني حتى تكون طعاما بعد الصيام لم يجز أن يلحق به ثبوت أصله حتى يكون بدلا ثانيا بعد أول .
قال الماوردي : قد مضى الكلام في شرح المياه إلا إنا نختصره بقسم جامع نمهد به أصوله وتبتنى عليه فروعه ، فنقول : الماء ضربان مطلق ، ومضاف ، فالمطلق على حكم أصله في جواز استعماله في الحدث والنجس ، والمضاف على ضربين : إضافة تمنع من جواز استعماله ، وإضافة لا تمنع منه ، فأما التي لا تمنع من الاستعمال فإضافتان إضافة قرار كماء البحر والزهر ، وإضافة صفة كماء عذب أو أجاج ، فأما المانعة من جواز الاستعمال فيتقسم إلى ثلاثة أقسام : إضافة حكم وإضافة جنس وإضافة غلبة .
فأما القسم الأول وهو إضافة الحكم فضربان :
أحدهما : ما سلب الماء حكم التطهير دون الطهارة كالماء المستعمل فلا يجوز استعماله في حدث ولا نجس لما سنذكره من بعد .
والثاني : ما سلبه حكم التطهير و الطهارة كالماء النجس .
وأما القسم الثاني وهو إضافة الجنس كماء الورد والفواكه والبقول وكل معتصر من نبات فلا يجوز استعماله في حدث ، ولا نجس ، وخالفنا أبو حنيفة فيه فيجوز إزالة النجاسة به وقد مضى الكلام فيه معه .
وأما القسم الثالث : وهو إضافة الغلبة فهو على ضربين :
أحدهما : غلبة مخالطة .
والثاني : غلبة مجاورة .
فأما غلبة المخالطة فهو أن يتغير الماء بمائع كالعسل أو مذرور كالزعفران ، وذلك مانع من جواز الاستعمال ، وأما غلبة المجاورة فهو أن يتغير الماء بجامد كالخشب أو متميز كالدهن ، وذلك غير مانع من جواز استعماله .