پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص48

ابن مسعود قال : كنت مع رسول الله ( ص ) ليلة الجن فقال يا عبد الله أمعك ماء ، قلت لا معي نبيذ التمر فقال : ‘ هاته تمرة طيبة وماء طهور ‘ . وتوضأ به ثم صلى بنا صلاة الفجر . قالوا وقد روي عن ابن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ النبيذ وضوء من لم يجد الماء ‘ . قالوا : وقد روي أن عليا وابن عباس توضآ بالنبيذ ، فلا يخلوا فعل ذلك منهما أن يكون عن قياس أو توقيف ، فلا مدخل للقياس في هذا ، لأنه لا يقتضيه فثبت أنه توقيف قالوا : ولأن الله تعالى يقول : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) [ المائدة : 26 ] . وفي النبيذ ماء فلم يجز أن يتيمم مع وجوده .

قالوا : ولأنه مائع سمي في الشرع طهورا فجاز الوضوء به كالماء .

قالوا : ولأن الرأس والرجلين عضوان من أعضاء الطهارة فثبت فيهما بدل عند عدم الماء كالوجه واليدين .

قالوا : لأن الوضوء نوع تطهير يفضي إلى بدلين كالعتق في الكفارة .

ودليلنا قوله تعالى : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) . فنقلنا الله تعالى عند عدم الماء إلى التراب بلا وسيط ، وهو النبيذ ، وليس النبيذ ماء مطلقا ، لا في اللغة ، ولا في الشرع .

فإن قالوا : هو ماء في الشرع بدليل قوله عليه السلام : ‘ تمرة طيبة وماء طهور ‘ .

قيل : لو دل هذا على أن النبيذ ماء في الشرع لدل على أنه تمر في الشرع ، وهذا مدفوع بالإجماع ، ثم لو كان من طريق الشرع ما يساوي حكم سائر المياه ، وفي مباينته لها مع ما منع من إطلاق الاسم عليه ، ولأنه مائع لا يدفع الحدث فلم يجز أن تستباح به الصلاة كالخل ، ولأن ما لم يجز استعماله في الحضر لم يجز استعماله في السفر ، كالنقيع ، ولأنه