پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص45

وروي أن النبي ( ص ) قال : ‘ ولا سيما في دم الحيض يصيب الثوب حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء ‘ فأمرها بالماء ، والأمر إذا ورد مقيدا بشرط لم يسقط إلا بوجود ذلك الشرط ، ولأنها طهارة شرعية فوجب أن لا تجوز بمائع غير الماء ، كرفع الحدث ، ولأنه غسل مفروض فوجب أن لا يجوز بمائع غير الماء كالغسل من الجنابة ولأنه مائع لا يرفع الحدث فوجب أن لا يزول النجس كالدهن ، والمرق ، ولأن للماء نوعين من التطهير :

أحدهما : تطهير نفسه بالمكاثرة .

والثاني : تطهير غيره بالمباشرة . فلما انتفى عن المائع تطهير نفسه بالمكاثرة . وجب أن تنتفي عن المائع تطهير غيره بالمباشرة ، وتحريره أنه أحد نوعي التطهير فوجب أن ينتفي عن المائع قياسا على تطهير المكاثرة ، ولأن كل ما نجس بورود النجاسة عليه بكل حال نجس بوروده على النجاسة بكل حال كغيره المائع طردا ، وكالماء عكسا ، وإن شئت قلت ملاقاة الحل والنجاسة يوجب أن يغلب عليه حكم النجاسة ، كما لو وقعت منه نجاسة ، ولأن إزالة النجس أعلا من رفع الحدث بدلالة أن من كان محدثا ، وعلى بدنه نجاسة ، ووجد من الماء ما يكفي أحدهما لزمه استعماله في النجاسة دون الحدث ، فلم يجز استعمال المائعات في رفع الحدث وهو أخف الأمرين حالا فالأولى أن لا يجوز استعماله في إزالة النجاسة لأنه أغلظهما حالا .

وأما الجواب عن تعلقهم بحديث أم سلمة وقوله عليه السلام : ‘ يطهره ما بعده ‘ فهو أنها أشارات إلى غير النجاسة ، أو إلى نجاسة يابسة بدليل أن النجاسة الرطبة لا تطهر بالدلك اتفاقا .

وأما حديث عائشة فمحمول على أحد أمرين إما على نجاسة يسيرة يعفى عن مثلها أو على أنها فعلت ذلك لتلين النجاسة بريقها ، ثم تغسلها بدليل أن الريق لا يزيل النجاسة .

وأما قياسهم على الماء ، فالمهنى في الماء أنه يرفع الحدث فلذلك أزال النجس .

وأما قياسهم على القطع بالمقص ، فالمعنى فيه أنه أزال محل النجاسة .

وأما قياسهم على الطيب في بدن المحرم فالمعنى في الطيب أن القصد منه إزالة ريحه لا إزالة حكمه ، وليس كذلك النجاسة .

وأما قولهم : إن ارتفاع المعنى الموجب للحكم يوجب ارتفاع ذلك الحكم ، فمن أصحابنا من منع ذلك ، ويقول : ليس ارتفاع معنى الحكم موجب لارتفاع ذلك الحكم ،