پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص44

المطلق بالتطهير ، وتخصيص الذكر إذا علق بصفة يوجب اختصاصها بالحكم ومنع غيرها من المشاركة ولأن ما خرج عن اسم الماء المطلق خرج عن حكمه في التطهير كالأدهان وماء اللحم وهذا يفسد ما استدلوا به .

فصل : دليل أبي حنيفة والرد عليه

وأما أبو حنيفة فاستدل على إزالة النجاسة بكل مائع طاهر بما روي عن أم سلمة أنها قالت يا رسول الله إني امرأة أطيل ذيلي وأجره في المكان القذر . فقال عليه السلام : ‘ يطهره ما بعده ‘ ومعلوم أن ليس بعده إلا التراب فدل على أن لغير الماء مدخل في تطهير النجاسة ، وبما روي أن عائشة رضي الله عنها أصاب ثوبها دم قبلته وقرصته بريقها ، فدل على أن الريق يزيل النجاسة ، قالوا : ولأنه مائع طاهر مزيل فزال إزالة النجاسة به كالماء ، قالوا : ولأن ما أزال عين النجاسة أوجب إزالة حكمها ، كالقطع بالمقص ، قالوا : ولأن ما استحق إزالة عينه بعيدا لم يختص بالماء كالطيب على بدن المحرم ، قالوا : ولأن الحكم إذا ثبت لمعنى زال الحكم بزوال ذلك المعنى ، فلما كان المعنى في تنجيس المحل وجود العين وجب إذا ارتفعت أن يزول تنجيس المحل ، قالوا : ولأن إناء الخمر لما طهر بانقلابه خلا ، علم أن الخل طهره ، فلما جاز أن يكون الخل مطهرا لإناء الخمر ، جاز أن يكون مطهرا لكل نجس ، قالوا : ولأن هرا لو أكلت فارة أو ميتة ثم ولغت في إناء كان الماء طاهرا ، فدل أن فيها طهر بريقها ، قالوا : ولأن لما كان لغير المائع مدخل في إزالة النجاسة ، وهو الشث والقرظ في الدباغة لم يكن الماء مختصا بالإزالة فكان المائع أولى من الجامد ، لأنه أبلغ في الإزالة .

ودليلنا قوله تعالى : ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) [ الأنفال : 11 ]

والاستدلال بها من وجهين :

أحدهما : أن الله تعالى أخرج هذا مخرج الفضيلة للماء والامتنان به فلو شاركه غيره فيه لبطلت فائدة الامتنان .

والثاني : أنه لو أراد بالنص على الماء التنبيه على ما سواه لنص على أدون المائعات ، ليكون تنبيها على أعلاها فلما نص على الماء وعلى أعلى المائعات علم أن اختصاصه بالحكم .