الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص39
أحدهما : أن هذه صفة للماء فلم يمنع منها عدم الحاجة من أهل الجنة إلى التطهير به .
والجواب الثاني : أن المقصود بالآية الامتنان بما أعده الله تعالى لخلقه في الجنة مما هو أعز مشروبا في الدنيا .
وأما قول جرير فهو دليل لنا ، لأنه قصد به المدح لريقهن بالطهور به مبالغة ، ولو كان معناه طاهرا لما كان مادحا ، لأن ريق البهائم طاهرا أيضا ، وإنما بالغ بأن جعله مطهرا تشبيها بالماء .
وأما استدلالهم بأن كل فعول كان متعديا كان فاعله متعديا .
فالجواب عنه أنه إنما سوى بينهما في التعدي إذا أمكن الفرق بينهما من غير التعدي ، وليس يمكن الفرق بين الطهور والطاهر من غير التعدي . فثبت أن الفرق بينهما من جهة التعدي .
وأما قولهم إنه لو كان متعديا لم ينطلق الاسم عليه إلا بعد وجود التعدي منه فهو أنه يجوز أن يسمى بصفة قد توجد في الباقي منه كقولهم طعام مشبع ، وماء مروي ، ونار محرقة ، وسيف قاطع .
وأما قوله : لو كان متعديا لتكرر الفعل منه .
فالجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن هذه صفة لجنس الماء وجنس الماء يتكرر منه فعل الطهارة .
والثاني : أن كل جزء من الماء يتكرر منه الفعل في إمراره على العضو وانتقاله من محل إلى محل .
قال الماوردي : اعترض على الشافعي في هذا الفصل من ذكرنا من طريق اللغة فقالوا : قوله ‘ فكل ماء من بحر عذب أو مالح ‘ خطأ في اللغة ، لأن العرب تقول ماء ملح ، ولا تقول : مالح ، وإنما هذا من كلام العامة .
والجواب عنه من وجهين :
أحدهما : أن الشافعي قصد به إفهام العامة ، لأنه لو قال ماء ملح لأشكل عليهم وإن كان هو الصواب .
والجواب الثاني : أن العرب تقول ماء ملح وماء مالح . قال عمر بن أبي ربيعة وهو شاعر قريش :