پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص38

( إلى رجح الأكفال عد من الظبي
عذاب الثنايا ريقهن طهور )

يعني : طاهرا ، لأن ريقهن لا يكون مطهرا قالوا : ولأن كل فعول كان متعديا كان فاعله متعديا ، كالمقتول والقاتل ، وكل فاعل كان غير متعد كان فعوله غير متعد كالصبور والصابر فلما كان الطاهر غير متعد ، وجب أن يكون الطهور غير متعد ، قالوا : ولأن الطهور لو كان متعديا لما انطلق هذا الاسم عليه إلا بعد وجود التعدي منه ، كالقتول والضروب ، فلما انطلق اسم الطهور على الماء قبل وجود التطهر به ، علم أنه لم يسم به لتعدي الفعل منه ، بل للزوم ، والصفة له أي الوصف ، قالوا ولأن الطهور لو كان متعديا لوجب أن يتكرر فعل التطهير منه كالقتول والضروب فلما لم يتكرر منه لأنه يصير بالمرة الواحدة مستعملا علم أنه غير متعد .

ودليلنا قوله تعالى : ( وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) [ الأنفال : 11 ] ، فأخبر أن الماء يتطهر به ، وهذه عبارة عن تعدي الفعل منه فقال عليه السلام في البحر : ‘ هو الطهور ماؤه الحل ميتته ‘ جوابا عن سؤالهم في تعدي فعله إليهم إذ قد علموا طهارته قبل سؤالهم . وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ أعطيت خمسا لم يعطهن قبلي نبي ‘ فذكر منها : ‘ وجعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ‘ يعني مطهرا ، لأنه قد كان طاهرا على محمد وغيره وإنما افتخر بما خص به من زيادة التطهير به . وقال عليه السلام : ‘ دباغها طهورها ‘ . أي مطهرها .

وقال : ‘ طهور إناء أحدكم ‘ أي : مطهره فكانت هذه الظواهر الشرعية كلها دلالة على أن الطهور بمعنى مطهر ، وكذا في كل ما ورد به الشرع .

وأما من طريق اللغة فهو أن فعول أبلغ في اللغة من فاعل ، فلما اختص قولهم طهور بما يكون منه التطهير من الماء والتراب دون ما كان طاهرا من الخشب والثياب على أن الفرق بينهما في المبالغة تعدي الطهور ، ولزوم الطاهر ، ولأن ما أمكن الفرق بين فعوله وفاعله بالتكرار ، لم يفرق بينهما بالتعدي ، كالقتول والقاتل وما لم يمكن الفرق بينهما بالتكرار فرق بينهما بالتعدي ، وليس يمكن الفرق بين طهور وطاهر بتكرار الفعل فبان الفرق بينهما بالتعدي .

فأما استدلالهم بالآية فالجواب عنه من وجهين :