الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص31
والحال الثالثة : أن يقول الواحد منهم قولا لا يعلم انتشاره ولا يظهر منهم خلافه فلا يكون إجماعا ، وهل يكون حجة يلزم المصير إليه أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : قاله في القديم ، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة إنه حجة يلزم المصير إليه لقوله عليه السلام : ‘ أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ‘ ولأن الصحابة قد كان بعضهم يأخذ بقول ، من غير طلب دليل ، فدل على أن قول آحادهم حجة ، فعلى هذا هل يجوز أن يختص به العموم الكتاب والسنة أولا ؟ على وجهين :
أحدهما : يجوز لأن عموم يختص بقياس محتمل وقوله أقوى من القياس المحتمل .
والوجه الثاني : لا يجوز تخصيص العموم به ، لأن الصحابة قد كانوا يتركون أقوالهم لعموم الكتاب والسنة والقول الثاني قاله في الجديد إن قول الصحابي من غير انتشار ليس بحجة ، ويجوز للتابعي خلافه ، لأن المجتهد لا يلزمه قبول قول المجتهد ، ولأن القياس حجة علينا وعلى الصحابي ، وليس قول الواحد حجة على جميع الصحابة ، فعلى هذا إن وافق قول الصحابي قياس التقريب فهل يكون أولى من قياس المعنى بانفراده أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : أن قياس المعنى بانفراده أولى لأن بانفراده حجة .
والوجه الثاني : أن قول الصحابي مع موافقة قياس النص أولى من قياس المعنى المنفرد به .
وقال ابن أبي هريرة : : وقد أخذ الشافعي به في عيوب الحيوان حيث أخذ بقضاء عثمان لموافقته قياس التقريب مع مخالفته قياس المعنى .
والحالة الرابعة : أن يقول الواحد منهم قولا يخالفه فيه غيره فيظهر الخلاف بينهم وينتشر فيهم ففيه قولان .
قال في القديم : يؤخذ بقول الأكثرين لقوله عليه السلام : ‘ عليكم بالسواد الأعظم ‘ فإن استوى أخذ بقول من معه من الخلفاء الأربعة لقوله عليه السلام : ‘ عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي ‘ . فإن استوى صار كالدليلين إذا تقابلا فيرجع إلى الترجيح .