الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص27
أحدهما : أن من وصل إلى الأخفى كان وصوله إلى الأظهر أولى .
والثاني : أنه لا يجوز أن يخفى على الكافة دليل ظاهر ، ويكون الواحد به ظافرا .
فإذا ثبت أن الإجماع حجة فهو على ضربين :
أحدهما ما علم من دين الرسول ضرورة كوجوب الصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، وتحريم الربا ، وشرب الخمر ، فهذا يجب الانقياد إليه من غير اعتبار الإجماع فيه ، لأن ما علم حكمه ضرورة لو صور أن الأمة خالفته لكانوا محجوبين به فصار حكمه ثابتا بغير الإجماع لكونه حجة على الإجماع .
والضرب الثاني : ما لم يعلم من ضرورة وذلك على ضربين :
أحدهما : ما اشترك فيه الخاصة والعامة في معرفة حكمه كأعداد الركعات ، ومواقيت الصلوات ، وستر العورة ، وتحريم بنت البنت ، كالبنت ، وإحلال بنت العم ، بخلاف العمة ، فهذا يعتبر فيه إجماع العلماء ، وهل يكون إجماع العامة معهم معتبرا فيه ؟ لولا وفاقهم عليه ما ثبت إجماعا على وجهين لأصحابنا .
أحدهما : أن إجماعهم معتبر في انعقاده ولولاه ما ثبت إجماعا لاشتراكهم والعلماء في العلم به .
والوجه الثاني : وهو أصح أن إجماعهم فيه غير معتبر وهو منعقد بإجماع العلماء دونهم ، لأن الإجماع إنما يصح إذا وقع عن نظر واجتهاد ، وليس العامة من أهل الاجتهاد فلم يكونوا من أهل الإجماع ، ولأن الإجماع يكون معتبرا بمن يكون خلافه مؤثرا وخلاف العامة غير مؤثر ، فكان إجماعهم غير معتبر .