پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص26

فيما أخذوه من أحكامهم ، من كتب رسول الله ( ص ) منها كتابه إلى عمرو بن حزم ومنها الصحيفة التي أخذها أبو بكر من قراب سيف رسول الله ( ص ) في نصف الزكاة فلما جاز ذلك في الأحكام ، وإن لم يجز في الشهادة جاز أن يعمل عليه فيما رواه على خطه وإن لم يجز أن نشهد بخطه . وروى أنس أن النبي ( ص ) قال : ‘ قيدوا العلم بالكتاب ‘ فلولا أن الرجوع إليه عند النسيان جائز لم يكن لتقييده بالخط فائدة ، ولأن المسلمين لم يزالوا على قديم الزمان وحدوثه يسمعون عمن حدث من كتابه فلا ينكرونه ، ولا يجتنبون سماعه فصار ذلك منهم إجماعا ، ولأنه لما جاز أن يروي عن سماع صوت المحدث ، وإن لم يره لرحمه أو لذهاب بصره بخلاف الشهادة جاز أن يروي من خطه الموثوق به بخلاف الشهادة .

فصل : الصنف الثالث

وأما الصنف الثالث وهم المجمعون على حكم فتقليدهم على ما أجمعوا عليه واجب ، وفرض الاجتهاد عنا فيه ساقط ، لكون الإجماع حجة لا يجوز خلافها ولا وجه لما قاله النظام وذهب إليه الخوارج من إبطال الإجماع وإسقاط الاحتجاج به ، استدلالا بتجويز الخطأ على جميع الصحابة إلا واحدا وهو على الآخر لجوز ، فلما كان خلاف الجميع إلا واحد جاز خلافهم مع الواحد لأن هذه شبهة فاسدة يبطلها النص ويفسدها الدليل . قال الله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) [ النساء : 115 ] . فتوعد على اتباع غير سبيل المؤمنين ومن جوز خلاف الإجماع فقد اتبع غير سبيل المؤمنين . وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا تجتمع أمتي على ضلالة ‘ ومن أبطل الإجماع جعلهم مجتمعين على ضلال ، ولأن الإجماع من الكافة مع اختلاف أغراضهم لا يجوز أن يكون إلا عن دليل يوجب اتفاقهم ، ولا يخلو ذلك الدليل من أن يكون مقطوعا به ، أو غير مقطوع ، فإن كان مقطوعا به لم يجز خلافه ، وإن كان غير مقطوع به لم يجز تركه إلا بما هو أظهر منه ، وذلك غير جائز من وجهين :