الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص11
معنى أنه مجتمع من شدة البرد . وأما ‘ هذا ‘ فهي كلمة إشارة تجمع حرفا واسما ، فالحرف الهاء الموضوعة للتنبيه ، والاسم ذا وهو من الأسماء المبهمة ، ولأجل ذلك حسن أن يفصل بينهما ، فنقول : هذا .
فإن قيل : فلم اختصر كتابه وهلا بسطه فإن المبسوط أقرب إلى الأفهام ، وأغنى عن الشرح .
قيل : إنما اختصره لأن المختصر أقرب إلى الحفظ ، وأبسط للقارئ ، وأحسن موقعا في النفوس ، ولذلك تداول إعجاز قوله عز وجل : ( ولكم في القصاص حيوة ) [ البقرة : 179 ] لاختصار لفظه وإجماع معانيه وعجبوا من وجيز قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر ) [ الحجر : 94 ] . ومن اختصار قوله تعالى : ( يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي ) [ هود : 44 ] . وقالوا : إنها أخصر آية في كتاب الله تعالى . واستسحنوا اختصار قوله عز وجل : ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) [ الزخرف : 71 ] كيف جمع بهذا اللفظ الوجيز بين جميع المطعومات وجميع الملبوسات . ولفضل الاختصار على الإطالة قال النبي ( ص ) : ‘ أوتيت جوامع الكلم واختصرت لي الحكمة اختصارا ‘ . وقال الحسن بن علي عليه السلام : خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل . غير أن للإطالة موضعا يحمد فيه ، ولذلك لم يكن كتاب الله عز وجل مختصرا به ، وقد قال الشاعر في بعض خطباء إياد :
غير أن الاختصار فيما وضعه المزني أحمد . وقال الخليل بن أحمد : مختصر الكتاب ليحفظ ويبسط ليفهم .
فإن قيل : فقد شرط اختصار كتابه ، وقد أطال كثيرا منه ، فعنه جوابان :
أحدهما : أنه شرط اختصار علم الشافعي ، وقد اختصره وإنما أطال كلام نفسه .
والثاني : أن الحكم للأغلب والأغلب منه مختصر .