الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج1-ص9
والجواب الرابع : أن المراد بحمد الله إنما هو ذكر الله لأمرين :
أحدهما : أنه قد روي : ‘ لم يبدأ بذكر الله ‘ .
والثاني : يقدر استعماله ، لأن التحميد إن قدم على التسمية خولف فيه العادة ، وإن ذكر بعد التسمية لم يقع به البداية ، فثبت بهذين أن المراد به ذكر الله ، وقد بدأ بذكر الله في قوله ‘ بسم الله الرحمن الرحيم ‘ .
والجواب الخامس : أن الأمر به محمول على ابتداء الخطبة دون غيرها ، زجرا عما كانت الجاهلية عليه من تقديم المنثور والمنظوم والكلام المنثور ، وإنما كان لثلاثة أمور .
أحدها : ما روي أن أعرابيا خطب فترك التحميد فقال النبي ( ص ) : ‘ كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر ‘ .
والثاني : أن أول ما نزل من كتاب الله عز وجل قوله : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) [ العلق : 1 ] . وقوله : ( يا أيها المدثر ) [ المدثر : 1 ] . وليس في ابتدائهما حمد الله فلم يجز أن يأمر رسول الله ( ص ) بما كتاب الله تعالى دال على خلافه .
والثالث : أن خبر رسول الله ( ص ) لا يجوز أن يكون بخلاف مخبره فقد قال : فهو أبتر وكتاب المزني أشهر كتاب صنف ، وأبدع مختصر ألف ، فعلم بهذه الأمور أنه محمول على الخطب دون غيرها من المصنفات والكتب .
أحدها : أنه ترجم كتابه بعد فراغه منه ، وأراد ما قد اختصر بالاختصار .
والجواب الثاني : أنه صور الكتاب في نفسه مختصرا أو أشار بالاختصار إلى ما في نفسه مختصرا .
والجواب الثالث : أنه قال : اختصرت بمعنى سأختصر ، والعرب تقول : فعلت بمعنى سأفعل ، قال الله تعالى : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) [ النحل : 1 ] بمعنى سيأتي أمر الله . ( ونادى أصحاب الجنة ) [ الأعراف : 44 ] بمعنى سينادي أصحاب الجنة .