جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج41-ص126
فالمراد بالشهادة بالاستصحاب إن كان بالمستصحب فهي شهادة بعلم لا بالاستصحاب، إذ لاريب في أن من شهد اليوم بأن عمرا استقرض مثلا من زيد كذا عام أول، أو فلانة قد تزوجت فلانا، أو فلانا قد غصب من فلان كذا درهما فهو شاهد بما علم مثل الشمس ومثل كفه، ولا مدخلية للاستصحاب في ذلك، وليست الشهادة به، وتجويز النقيض بل ظنه به لا ينافي الشهادة المزبورة، بل علمه كذلك.
وإن أريد الشهادة بالاستصحاب بمعنى الشهادة الان بشغل ذمته وكونها زوجته وإن لم يكن عالما بذلك بل كان مستند ذلك علمه السابق فلا ريب في عدم صدق تعريف الشهادة عليه، بل هو شاهد بما لا يعلم، وخصوصا إذا قال: أشهد الان بشغل ذمته الان ولكن لا أدري وفاه أم لا، فانه متناقض قطعا، وليس بشهادة كذلك، فان الاستصحاب وإن قلنا بحجيته شرعا لكنه ليس حجة في جواز الشهادة به الظاهرة لغة وعرفا في الجزم بالمشهود به وكونه مثل الشمس، نعم هو يشهد بالمعلوم عنده كذلك، والحاكم يجري حكم الاستصحاب مع فرض عدم المعارض، لا أنه حجة شرعا يسوغ له الكذب، فان ظاهر عبارة الشاهد بل صريحها كونه معلوما لديه حسا لا شرعا، ومن هنا لم تجز الشهادة بشهادة العدلين إلا على طريق التحمل وكونها شهادة فرع لا أصل.
وحينئذ فلابد من حمل الخبر المزبور على جواز الشهادة لحصول ضرب من العلم، أو لان الاستصحاب كاف ولكن القضاء لا يكتفون إلا بالشهادة على الوجه المزبور، فسوغ له ذلك استنقاذا لمال المسلم أو على غير ذلك، كما أنه يجب إرادة ما يكون به الشاهد شاهدا من التحمل المزبور، لا أن المراد به الفرق بين الشهادة حال الاداء وحال التحمل، إذ هو واضح الفساد لان الشهادة حال واحد ومعنى واحد كما هو واضح.