جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج41-ص114
الذى نبت على السحت فتذيبه بالاحزان حتى يلصق الجلد بالعظم وينشأ بينهما لحم جديد، السادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية “.
إذ لا يخفى عليك كون المراد التوبة من سائر الذنوب، بل الظاهر إرادة الفرد الكامل منها، ضرورة أنه كما لا يكفي في جلاء المرآة قطع الانفاس والابخرة المسودة لوجهها بل لابد من صقلها وإزالة ما حصل بجرمها من السواد كذلك لا يكفي في جلاء القلب من ظلمات المعاصي وكدوراتها مجرد تركها وعدم العود إليها، بل يجب محو آثار تلك الظلمات بأنوار الطاعات، فانه كما يرتفع إلى القلب من كل معصية ظلمة وكدورة كذلك يرتفع إليه من كل طاعة نور وضياء، بل الاولى محو ظلمة كل معصية بنور طاعة تضادها، بأن ينظر التائب إلى سيئاته مفصلة ويطلب لكل سيئة منها حسنة تقابلها، فيأتي بتلك الحسنة على قدر ما أتى بتلك السيئة، فيكفر استماع الملاهي مثلا باستماع القرآن والاحاديث والمسائل الدينية، وهكذا كما يعالج الطبيب الامراض بأضدادها، وقد تكفل علماء الاخلاق ببيان أمثال هذه المقامات، وعلى كل حال فهذه أمور أخر غير التوبة عن نفس الذنب التي هي الندم على فعله، بل في التحرير عن بعضهم عدم اعتبار العزم على عدم العود إليها وإن كان الظاهر خلافه، لان العزم المزبور لازم لذلك الندم غير منفك عنه.
ثم إن ظاهر الكلام المزبور الخروج عن الحق المالى بالايصال إلى صاحبه ولو الوارث البعيد، بل وإن كان من متبرع على وجه لم يبق عليه شئ.
وفيه أن الظلم بحبس المال عن صاحبه لا يرتفع بالايصال إلى الوارث، وإنما يفيد الوصول إلى الوارث ارتفاع الظلم عنه بنفس المال، وأما حق الحبس فالظاهر تعلقه به، أللهم إلا أن يقال إن التوبة تكفر ذلك، وفيه