جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج41-ص39
من إمكان التخلص منه بالتورية، ولو بقصد ما في الاية الشريفة (1) الدالة على كذب القاذفين إذا لم يأتوا بالشهداء وان كانوا صادقين.
(و) من ذلك يظهر لك ضعف ما (قيل) والقائل الشيخ في محكي المبسوط وابن إدريس ويحيى بن سعيد والفاضل: إن الحد في توبته إن (يكذبها إن كان كاذبا ويخطئها في الملا إن كان صادقا) فيقول: القذف باطل ولا أعود إلى ما قلت تخلصا من الكذب (و) قدعرفت أن (الاول مروي (2)) بالطريق الصحيح وغيره من عندنا وعند العامة، فكان خلافه من الاجتهاد في مقابلة النص، بل في المسالك هو تعريض بقذف جديد غير الاول، فلا ريب حينئذ في أن الاقوى الاول.
ثم لا يخفى عليك أن التدبر في كلماتهم يقتضي قولين في المسألة، كما هو المحكي أيضا عن أصحاب الشافعي، فما عساه يظهر من بعض متأخري المتأخرين – من أن في المسألة أربعة أقوال: أحدها المشهور، والثاني قول: القذف باطل ولا أعود مطلقا سواء كان صادقا أو كاذبا، والثالث – وهو الذي اختاره الفاضل – التفصيل بين الصادق والكاذب، فالاول يقول ذلك، والثاني يعترف بتكذيب نفسه، والرابع ما عن ابن حمزة من أنه إن كان صادقا قال: الكذب حرام ولا أعود إلى مثل ما قلت وأصلح، وإن كان كاذبا قال: كذبت في ما قلت – لا يخفى عليك ما فيه، ضرورة أن الذى حكاه عن الفاضل حتى رده بأنه إحداث قول آخر هو الذي حكاه المصنف في المتن، والظاهر أنه أراد حكايته عن الشيخ ( رحمه الله ).
كما أنه لا يخفى عليك أيضا عدم الاكتفاء باكذاب نفسه خاصة عن
(1) سورة النور: 24 – الاية 13.
(2) الوسائل – الباب – 36 – من كتاب الشهادات وتفسير الدر المنثور ج 5 ص 20.