جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج40-ص89
كل هذا وفي الانتصار (فان قيل: كيف تستجيزون إدعاء الاجماع وأبو علي بن الجنيد يصرح بالخلاف ويذهب إلى أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شئ من الحقوق والحدود ؟ قلنا: لا خلاف بين الامامية في هذه المسألة، وقد تقدم إجماعهم ابن الجنيد وتأخره، وإنما عول ابن الجنيد على ضرب من الرأي والاجتهاد، وخطاؤه ظاهر، وكيف يخفى إطباق الامامية على وجوب الحكم بالعلم ؟ وهم ينكرون توقف أبي بكر عن الحكم لفاطمة بنت رسول الله (عليها السلام) بفدك لما ادعت أنحلها أبوها، ويقولون: إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وأنها لا تدعي إلا حقا فلا وجه لمطالبتها باقامة البينة، لان البينة لا وجه لها مع العلم بالصدق،فكيف خفي على بن الجنيد هذا الذي لا يخفى على أحد ؟ – ثم ذكر الاخبار التي سمعتها ثم قال -: فمن يروي هذه الاخبار مستحسنا لها معولا عليها كيف يجوز أن يشك في أنه كان يذهب إلى أن الحاكم يحكم بعلمه لو لا قلة تأمل ابن الجنيد ؟).
وتبعه غيره في شدة الانكار على ابن الجنيد في عدم جواز القضاء بالعلم.
ولكن الانصاف أنه ليس بتلك المكانة من الضعف، ضرورة أن البحث في أن العلم من طرق الحكم والفصل بين المتخاصمين ولو من غير المعصوم في جميع الحقوق أو لا، وليس في شئ من الادلة المذكورة – عدا الاجماع منها – دلالة على ذلك، والامر بالمعروف ووجوب إيصال الحق إلى مستحقه بل كون العلم حجة على من حصل له يترتب عليه سائر التكاليف الشرعية لا يقتضى كونه من طرق الحكم، بل أقصى ذلك ما عرفت، وأنه لا يجوز له الحكم بخلاف علمه، بل لعل أصالة عدم ترتب آثار الحكم عليه يقتضي عدمه.