جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج37-ص57
بل أطلق فوجهان، أقواهما الضمان، لانه غره أيضا، بل لو كان الطعام ملك المأمور المغرور ضمنه له أيضا، لانه وإن كان قد سلطه عليه وصيره بين يديه إلا أنه باعتقاده أنه ملك الغير وأنه مسلط على إتلافه بغير عوض، فليس تسليمه له تسليما تاما يتصرف فيه تصرف الملاك، فلذلك ضعف مباشرته بالغرور، وما اشتهر من أن قرار الضمان على من تلف في يده المال انما هو في غير الفرض.
وأما المكره فهو الذي أشار إليه المصنف بقوله: (ولا يضمن المكره المال وإن باشر الاتلاف، والضمان على من أكرهه، لان المباشرة ضعفت مع الاكراه، فكان ذو السبب هنا أقوى) بلا خلاف أجده في شئ من ذلك، نعم قد تقدم في كتاب الطلاق (1) تفصيل ما يتحقق به الاكراه.
وفي المسالك ” ربما قيل هنا باشتراط زيادة خوف ضرر لا يمكن تحمله، والاشهر الاول ” قلت: ولعله لصدق الاكراه الذي هو عنوان الحكم نصا (2) وفتوى وإن كان الضرر يسيرا.
ثم إن ظاهر الاصحاب في المقام عدم رجوع المالك على المكره بشئ بخلاف الجاهل المغرور، فان له الرجوع عليه وإن رجع هو على الغار، ولعله لعدم صدق ” أخذت ” الظاهر في الاختيارية عليه بخلاف المغرور، مضافا إلى ظهور رجوع المغرور في ضمانه وإن رجع هو، وحينئذ يكون المراد من قولهم: ” الضمان على المباشر إلا مع قوة ذي السبب ” أنه يستقل السبب بالضمان مع قوته، ولا يشاركه المباشر إلا في الغرور، كماأنه يستقل المباشر بالضمان ولا يشاركه السبب.
(1) راجع ج 32 ص 11 – 14.
(2) الوسائل – الباب – 56 – من ابواب جهاد النفس – من كتاب الجها