پایگاه تخصصی فقه هنر

جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج36-ص430

الآية الاخرى (1): ” غير متجانف لاثم ” من الباغي والعادي، للاتفاق ظاهرا على تفسير المتجانف للاثم بالميل إلى أكل الميتة استحلالا أو اقترافا للاثم، بخلاف البغي والعدوان الذي قد عرفت الاختلاف في تفسيرهما وإن كان منه ما ينطبق على ما ذكرنا.

ومنه يظهر رجحان ذلك على احتمال العكس، بأن يراد بالمتجانف للاثم خصوص الباغي والعادي، وحينئذ فيكون المراد الرخصة للمضطر من حيث كونه كذلك، لا المتناول لها القادم على الاثم في ذلك أو المستحل لها، فانه لا رخصة لهما ولو في حال الاضطرار، ضرورة عدم كون الباعث لهما الاضطرار بل البغي والعدوان، أي التجانف للاثم في أكل الميتة حال الاختيار، بل في الحقيقة لا اضطرار بالنسبة إليه، ضرورة عدم حالة امتناع له حتى يكون ما فيه من الحال حال اضطرار له، إذ المنساق من قوله (2): ” فمن اضطر ” الرخصة للممتنع حال الاختيار إن اتفق اضطراره.

وحينئذ فقوله: ” غير متجانف ” كالحال المؤكدة والكاشفة، وكذا قوله: ” غير باغ ولا عاد ” بناء على إرادة معنى غير المتجانف للاثم منهما، ولا ينافي ذلك النصوص المزبورة التي لم تثبت حجيتها، ومع التسليم يكون ما فيها أمر آخر (3) تنتفي الرخصة فيه أيضا مضافا إلى ذلك.

وحينئذ فالمتجه بناء على الاول الرخصة للممتنع عنها اختيارا إذا اضطر إليها ولو كان باغيا أو قاطعا للطريق كما عن أبي حنيفة، لاطلاق

(1) سورة المائدة: 5 – الآية 3.

(2) سورة البقرة: 2 – الآية 173.

(3) هكذا في النسختين الاصليتين، والصحيح ” يكون ما فيها أمرا آخر “.