جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج36-ص324
خلافه في الفقيه الذي هو بين أيديهم، حتى في مثل الخلاف والمختلف المعدين لامثال ذلك.
على أنه لو كان حل النعامة من خصائص العامة لعرف تحريهما في المذهب، كما علم تحريم الضب والارنب وغيرهما مما اختصوا به، فان أحكام المطاعم والمشارب متميزة عن غيرها بظهور الخلاف والوفاق، لظهور السيرة فيها بالتناول والاجتناب، بل الحيوان بخصوصه متميز من بينها باستمرار العادة على التوقي عما يحرم منه، حتى أن أجرى الناس على المعاصي وارتكاب المناهي لا يجترى على أكل الحيوان المحرم، بلربما تورع عن المشتبه حتى يتبين له الحل.
مؤيدا ذلك كله بعمل المسلمين وتظاهرهم في سائر الاعصار والامصار على أكلها وأكل بيضها من غير احتياط ولا تناكر، بل ليست هي عندهم إلا كالغزلان ونحوها من الصيود المحللة، بل بيض النعام لا يزال يباع ويشترى في سوق المسلمين، ويوهب ويهدى بمرئى من العلماء والصلحاء وأهل الورع والتقوى من دون نكير ولا أمر باحتياط ولا وسوسة، بل هي سيرة مستمرة معلومة بدلالة الطارف على التالد ونقل الولد عن الوالد وحكاية الخلف فعل السلف حتى تتصل بزمان صاحب الشرع على وجه يعلم كون الحكم منه بالقول أو الفعل أو التقرير، فكان ذلك إجماعا محصلا من السيرة المزبورة فضلا عن تحصيله من المفروغية التي ذكرناها بين الاصحاب، خصوصا مع ملاحظة نصهم على الحيوان المحرم، والمفروض تناول الناس للنعامة وبيضها في أزمنتهم، ولم يذكر أحد فيها شبهة أو احتمالا، وذلك إن لم يستفد منه الضرورة فلا ريب في حصول اليقين منه بكونها من قسم الحلال، كما هو واضح.
كل ذلك مضافا إلى ما قيل من أصالة الحل والاباحة المستفادة من