جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج35-ص381
قلناه من ظهور الخبرين في غير ذلك، فالاقوى حينئذ الاول، بل إن لم يكن إجماع كما عساه يظهر من نفي الاشكال عنه في كشف اللثام أمكن الاشكال في انعقاد النذر على المباح المقترن بما يقتضي رجحانه في الدين، كالاكل للتقوى للعبادة مثلا، لظهور النصوص المزبورة والفتاوى في العبادات الاصلية، فتأمل جيدا.
هذا وربما أشكل بعضهم بناء على عدم انعقاد النذر على المباح ما لو نذر الصدقة بمال مخصوص، فانه يتعين اتفاقا، وكذا في مكان مخصوص، ففي خبر علي ابن مهزيار (1) ” قلت لابي الحسن عليه السلام: رجل جعل على نفسه نذرا إن قضى الله عزوجل حاجته أن يتصدق في مسجده بألف درهم نذرا، فقضى الله عزوجل حاجته فصير الدارهم ذهبا ووجهها إليك أيجوز ذلك أم يعيد ؟ قال: يعيد ” وسيأتي تمام الكلام فيه عند تعرض المصنف لمضمونه.
والغرض الان أن المستحق هو الصدقة المطلقة أما خصوصية المال فمباحة، فكما لا ينعقد لو خلصت الاباحة فكذا إذا تضمنها النذر، ويقوى الاشكال حكم كثير من الفقهاء بجواز الصلاة المنذورة في مسجد معين فيما هو أزيد مزيةمنه، كالحرام والاقصى، مع أن الصلاة في المسجد سنة وطاعة فإذا جازت مخالفتها لطلب الافضل ورد مثله في الصدقة بالمال المعين، واجيب عنه بأن الصدقة المطلقة وإن كانت راجحة إلا أن المنذور ليس هو المطلق، إنما هو الصدقة المخصوصة بالمال المعين وهو أيضا أمر راجح متشخص بالمال المخصوص، والطاعة المنذورة إنما تعلقت بالصدقة بذلك المال لا مطلقا فكيف يجزئ المطلق عنه، ولان الطاعة المطلقة ولا وجود لها إلا في ضمن المعين من المال والزمان والمكان والفاعل وغيرها من المشخصات، فإذا تعلق النذر بهذا الشخص انحصرت الطاعة فيه كما تنحصر عند فعلها في متعلقاتها، فلا يجزئ غيرها.
وبهذا يظهر ضعف القول بعدم تعين المكان المنذور للعبادة إن كان غيره أرجح، منه لان ذلك الراجح لم يتعلق به النذر، كما أنه لو تعلق بعبادة مخصوصة
(1) الوسائل الباب – 9 – من كتاب النذر والعهد الحديث 1.