جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج35-ص49
أو ” مائة وخمسون درهما ” رجع إليه في تفسير الالف والمائة لا في الدراهم، والدرهم ليس تمييزا للالف وللمائة، وكما يحتمل أن يكون تمييزا للمجموع يحتمل أن يكون تمييزا للاخير، فلا يثبت في الذمة شئ بمجرد الاحتمال، قيل ولقوله تعالى (1): ” أربعة أشهر وعشرا ” ومقتضاه التعدية إلى نحو ذلك من الامثلة.
بل في المسالك عن بعضهم التصريح بأن كل تمييز متأخر يعود إلى الذى يليه خاصة مطلقا لاصالة البراءة، ولانه كالاستثناء المتعقب للجمل المتعددة، خصوصا إذا كان التمييز غير مطابق لجميع الاعداد، كقوله: ” مائة وعشرون درهما ” فان مميز المائة مفرد مجرور ومميز العشرين منصوب، فلا يصلح لهما.
إلا أن ذلك كله كما ترى بعد وروده في الكتاب العزيز (2): ” إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ” وفي الحديث (3) ” أن النبي صلى الله عليه واله توفى وهو ابن ثلاث وستين سنة ” وقال الشاعر: ولها اثنتان وأربعون حلوبة
سودا كخافية الغراب الاسحم.
إلى غير ذلك مما هو دال على المقصود، مضافا إلى فهم العرف الذى لا وجه معه للاستدلال من بعضهم على الخلاف، إذ هو من قبيل إثبات اللغة بالعقل، ومن الغريب دعوى عدم الالتفات إلى ذلك وإن كان ظاهرا في العرف، بناء على أن القاعدة في الاقرار الاقتصار على المتيقن، فالاحتمال البعيد كاف في ذلك، إذ هو كما ترى لا محصل له.
ومما ذكرنا يظهر لك الحال فيما فرعوه على المسألة من صحة البيع لو قال: ” بعتك بمائة وعشرين درهما ” بناء على فهم العرف، وبطلانه بناء على
(1) سورة البقرة: 2 – الاية 217 – 234.
(2) سورة ص: 38 – الاية 23.
(3) البحار ج 22 ص 503 ط الحديث.