جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج34-ص255
إثبات أصل الاستحباب بوجود المال أعني القدرة على كسبه عملا بالرواية الصحيحة، ويتأكد الاستحباب مع وجود الوصفين نظرا إلى الخبر الاخر (1) إلا أن قول المصنف: ” ولو عدم الامران كانت مباحة، وكذا لو عدم أحدهما ” ينافي ذلك، ولو فقد الشرطان معا لم يستحب لعدم المقتضي له، حيث إن الامر مخصوص بالخبر المفسر بهما أو بالثاني، ولو اتصف بالاول خاصة وهو الامانة لم يستحب، لعدم المقتضى له، وربما قيل بالاستحباب أيضا، لاستعمال الخير فيه وحده في قوله تعالى: (2) فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ” يعني عملا صالحا وهو الدين، وقوله تعالى: (3) ” والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير ” أي ثواب، كما اريد بالخير المال وحده في قوله تعالى: (4) ” وإنه لحب الخير لشديد ” وقوله تعالى: (5) ” إن ترك خيرا الوصية ” ويضعف بأن استعمال المشترك في أحد معنييه لا يجوز بدون قرينة كاستعماله في المعنيين، وهي منتفية في جانب الدين وحده بخلاف المال، فقد يرجح جانبه بالرواية الصحيحة، والتحقيق إن إطلاق اسم الخير علىالمعنيين المرادين هنا مجاز، لانه في الشواهد إنما استعمل في العمل الصالح والثواب ونفس المال، والمراد هنا الامانة والقدرة على التكسب، وهما ليستا عملا صالحا ولا ثوابا ولا مالا حقيقة، وإنما يكون التكسب سببا في المال، وإطلاق اسم السبب على المسبب مجاز، كما أن إطلاق الامانة القلبية على الاعمال الصالحة المتبادر منها إرادة اعمال الجوارح أو الثواب عليه ولا يعرفه إلا الله تعالى مجازا أيضا، وحينئذ فاطلاقه عليهما أو على أحدهما موقوف على النقل، وهو موجود في إرادتهما وإرادة
(1) الوسائل الباب – 1 – من أبواب المكاتبة الحديث 1 (2) سورة الزلزلة: 99 – الاية 7.
(3) سورة الحج: 22 – الاية 36.
(4) سورة العاديات: 100 – الاية 8.
(5) سورة البقرة: 2 – الاية 180.