جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج33-ص227
محله، وبالجملة فكلامهم في هذ الباب مختلف غير منقح، لانهم تارة يحكمون ببطلان عبادة الكافر مطلقا استنادا إلى تعذر نية القربة منه، ومقتضى ذلك إرادة المعنى الثاني، لان ذلك هو المتعذر منه لا الاول، وتارة يجوزون منه بعض العبادات كالعتق وسيأتي تجويز جماعة من الاصحاب له منه مع اشتراط القربة فيه، نظرا إلى ما ذكرناه من الوجوه في الاول، وقد وقع الخلاف بينهم في وقفه وصدقته وعتقه المتبرع به ونحو ذلك من التصرفات المالية المعتبر فيها القربة، واتفقوا على عدم صحة العبادات البدنية منه نظرا إلى أن المال يراعى فيه جانب المدفوع إليه ولو بفك الرقبة عن الرق، فيرجح فيه جانب الغرامات، بخلاف العبادات البدنية، ومن ثم ذهب بعض العامة إلى عدم اشتراط النية في العتق والاطعام واعتبرها في الصيام إلا أن هذا الاعتبار غير منضبط عند الاصحاب كما أشرنا إليه وسيأتي له في العتق زيادة بحث إنشاء الله “.
وأورد عليه في الرياض بأن فيه – مضافا إلى ما دل على شرطية الايمان وعدم صحة عبادة المخالف الذي هو أولى من الكافر من الاجماع والنصوص (1) – أنهلا تتأتى منه نية القربة التي هي قصد الامتثال وموافقة الامر، لعدم اعتقاده بموجب الكفارة، إذ هو إما منكر للبارئ تعالى كالدهرية ونحوهم أو جاحد للنبي صلى الله عليه وآله المبين لذلك الامر به عنه سبحانه، فإذا صام بعد الظهار مثلا لا يمكنه قصد الامتثال بذلك والعزم على أن الصيام كفارة لما وقع منه، فانه لا يعتقد تحقق الحرمة بالموجب فضلا عن كون الصيام مكفرا لها، بل يجعلهما حراما وبدعة بقصد التشريع في شرعه، ولعل هذا هو السر في حكم الاصحاب بفساد عبادة الكفار، لعدم تحقق قصد القربة بهذا المعنى منهم.
والعجب من شيخنا في المسالك حيث اعترضهم في ذلك وجوز صدور نية القربة بهذا المعنى عنهم، فيالله كيف يقصد الكافر بما يأتي به من هيئة صلاتنا أنه عبادة
(1) الوسائل الباب – 29 – من أبواب مقدمة العبادات.