جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج32-ص254
وأما الصحيحان فالمراد منهما الاعتداد بالوضع حال كونه أقرب الاجلين، فالجمله حالية، فيوافقان الخبر الاول بل جعلها مستأنفة لا حاصل له، ضرورة كون الموجود في الخارج منه كلا من الاقرب والابعد، إذ كما يمكن الوضع بعد لحظة يمكن تأخره تسعة، بل يمكن القطع بفساد إرادة ذلك منهما، وكأن هذا هو الذي دعى المتأخرين إلى الاطناب بفساد قول الصدوق ” ره “، وأنه في غاية الضعف، وإلا أن الانصاف خلافه، بل إن كان منشأ الشهرة هذا التوهم الفاسد من الصحيحين كان قولهم بمكانة من الضعف، ضروره عدم المعارض إلا إطلاقات لا تصلح مقابلة للتصريح المصرح به في المعتبر من النصوص المتعددة، فتأمل جيدا.
وكيف كان فلا فرق في اعتدادها بذلك (سواء كان تاما أو غير تام ولو كانعلقة بعد أن يتحقق أنه حمل) يندرج في إطلاق الكتاب (1) والسنة قال ابن الحجاج في الموثق (2): ” سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الحبلى إذا طلقها زوجها فوضعت سقطا تم أو لم يتم أو وضعته مضغة، قال: كل شئ يستبين أنه حمل تم أو يتم فقد انقضت عدتها وإن كان مضغة “.
وربما ظهر منه أن أقل ما يتحقق به الحمل المضغة، كما عن ابن الجنيد التصريح به، فلا عبرة بالنطفة مع عدم استقرارها إجماعا بقسميه، بل ومعه، وإن قال في المسالك: ” فيه وجهان، من الشك في كونه قد صار حملا ” لكن من المعلوم عدم العبرة به مع الشك في كونه حملا، ضرورة عدم تحقق الاندراج في أولات الاحمال ” ومن الغريب ما حكاه فيها من إطلاق الشيخ انقضاء العدة بالنطفة، بل في كشف اللثام أنه خيرة التحرير والجامع، لعموم النصوص (3) ثم قال فيها أيضا، ” والوجهان آتيان في العلقة، من الدم التي لا تخطيط فيها – بل قال -: إنه وافق
(1) سورة الطلاق ” 65 الاية 4.
(2) الوسائل الباب 11 من أبواب العدد الحديث 1.
(3) الوسائل الباب 9 من أبواب العدد.