جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج32-ص202
جارية على أمان لها، فدخلت الاخاديد، وحصلت في الحياض والغدران، فلما كانت عشية اليوم همت بالرجوع منها إلى اللجج لتأمن من صائدها، فرامت الرجوع فلم تقدر، وبقيت ليلتها في مكان يتهيأ أخذها بلا اصطياد، لاسترسالها فيه وعجزها عن الامتناع، لمنع المكان لها، وكانوا يأخذون يوم الاحد، يقولون: ما اصطدنا في السبت، إنما اصطدنا في الاحد، وكذب أعداء الله تعالى، بل كانوا آخذين لها بأخديدهم التي عملوها يوم السبت، حتى كثر من ذلك مالهم ” – إنما هو لعدم موافقة الحيلة للتخلص من النهي عن الاصطياد في يوم السبت، أو لمعلومية منافاة ذلك للغرض المراد من النهي عن الاصطياد، وهو الطاعة والامتثال في مقام الاختبار لهم.
ولعل من ذلك ما يتعاطاه بعض الناس في هذه الازمنة من التخلص مما في ذمته من الخمس والزكاة ببيع شئ ذي قيمة ردية بألف دينار مثلا من فقير برضاه ليحتسب عليه ما في ذمته عن نفسه، ولو بأن يدفع له شيئا فشيئا، مما هو مناف للمعلوم منالشارع من كون المراد بمشروعية ذلك نظم العباد وسياسة الناس في العاجل والاجل بكف حاجة الفقراء من مال الاغنياء، بل فيه نقض للغرض الذي شرع له الحقوق، وكل شئ تضمن نقض غرض أصل مشروعية الحكم يحكم ببطلانه، كما أومأ إلى ذلك غير واحد من الاساطين، ولا ينافي ذلك عدم اعتبار إطراد الحكمة، ضرورة كون المراد هنا ما عاد على نقض أصل المشروعية، كما هو واضح.
ولعل ذلك هو الوجه في بطلان الاحتيال المزبور، لا ما قيل من عدم قصد حقيقة للبيع والشراء بالثمن المزبور، حتى أنه لذا جزم المحدث البحراني بعدم جوازه لذلك، إذ هو كما ترى، ضرورة امكان تحقق القصد ولو لارادة ترتب الحكم وتحصيل الغرض، إذ لا يجب مراعاة تحقق جميع فوائد العقد، كما اعترف هو به في العقد على الصغيرة آنا ما لتحليل النظر، بل أشارت إليه النصوص (1) في بيع ما يساوي القليل بالكثير تحصيلا للربح الذي به يتخلص من الربا، الذي منه علم
(1) الوسائل الباب 20 من أبواب الربا من كتاب التجارة.