جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج31-ص202
وهو الامتناع عن طاعته فيما يجب له جاز ضربها ولو بأول مرة و) لكن (يقتصر على ما يؤمل معه رجوعها ما لم يكن مدميا ولا مبرحا) وظاهره الفرق بين الموعظة والهجر وبين الضرب، فيجوز الاولان على ظهور أمارات النشوز بخلاف الاخير، فلا يجوز إلا مع تحقق النشوز، نعم معه يجوز من أول مرة، ولا يعتبر تقدم الوعظ أو الهجر بخلاف الاولين، فان الثاني منهما مرتب على عدم نفع الاول، وهو أحد الاقوال في المسألة، محكي عن المبسوط والفاضل في القواعد، وكان وجهه أن الاصل في هذا الحكم الاية الشريفة (1) وهي قوله تعالى: ” واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ” ولا ريب في ظهورها بترتب الامور الثلاثة بخوف النشوز إلا أن الاخير منها لما علم بالاجماع المحكي عن المبسوط والخلاف اعتبار النشوز في جوازه المؤيد بقاعدة عدم جواز العقوبة إلا على فعل المحرم وجب تقدير ذلك بالنسبة إليه في الاية، وبقيت على ظاهرها في الاولين، واطلاقها حينئذ يقتضي جواز الضرب مع تحقق النشوز من غير تقدم الوعظ والهجر، أما هما فمترتبان علىحسب ترتب النهى عن المنكر.
وفيه أن الهجر تفويت لحقها الواجب عليه أيضا، فلا يجوز قبل تحقق الذنب، إذ هو عقوبة أيضا لا تجوز بدون فعل المحرم، وكونه أوسع من الضرب لا يقتضي جوازه بظهور أمارت المعصية، وإلا لجاز الضرب، ودعوى الاكتفاء بظاهر الاية في جوازه يقتضى جواز الضرب أيضا، ضرورة اتحاد الجميع بالنسبة إلى دلالتها أللهم إلا أن يقال: إن الاجماع السابق منع منه بالنسبة إلى الضرب بخلاف الاولين، أو يقال: إن ذلك أيضا محرم عليها وإن لم يكن نشوزا، فجوز عقابها بالهجر بخلاف الضرب المشروط جوازه بالنشوز للاجماع السابق، إلا أن الجميع كما ترى مجرد اقتراح وتعسف بلا شاهد معتد به.
ومن هنا كان ظاهر المصنف في النافع ترتب الثلاثة على ظهور أمارات النشوز
(1) سورة النساء: 4 – الاية 34