جواهرالکلام فی شرح شرایع الاسلام-ج31-ص186
بذلك وعدمه، لما سمعته من الاشتراك بينهما المقتضي لعدم سقوط أحدهما باسقاط الاخر، ومنه يعلم صورة العكس، وهي لو أسقط هو حقه من ذلك كانت الزوجة بالخيار، للاشتراك المزبور، ولعل اقتصار المصنف باعتبار كون الغالب وقوعذلك، والظاهر أن المراد بالاسقاط هنا الاذن منها، لا أنه كاسقاط الحقوق التي تسقط بالاسقاط على وجه لم يكن لصاحب الحق العود إليه، ولا أنه من قبيل ما في الذمة، وذلك لانه استمتاع في زمان مستمر، فما دامت مستمرة هي على الاذن في ذلك كان ساقطا، فإذا رجعت عن الاذن كان الحق لها، بل لو خرجت عن قابلية الاذن باغماء أو جنون لم يستمر السقوط.
(ولها أن تهب ليلتها للزوج أو بعضهن مع رضاه) لتسلطها على حقها كالمال، إلا أنه لما كان مشتركا بينها وبين الزوج اعتبر رضاه، وللمرسل عن النبي صلى الله عليه واله (1) ” إن سودة بنت زمعة لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة فكان النبي صلى الله عليه وآله يقسم لها يوم سودة ويومها ” ونعم الظاهر إن إطلاق الهبة على ذلك توسع، باعتبار أنه ليس من موردها الذي هو الاعيان، نعم الظاهر اعتبار القبول من الموهوبة، فان لم تقبل لم ينتقل الحق إليها.
ومن هنا يمكن أن يقال: بجريان جميع أحكام الهبة على ذلك، فيكون الخارج بما هنا من النص والفتوى تعلق الهبة بغير العين، لكن الانصاف أن ذلك ليس بأولى من القول بعدم جريان شئ من أحكام الهبة عليها وعدم اندراجها فيإطلاق دليلها وإن شاركتها في بعض الاحكام، فلا يجرى عليها حكم هبة الرحم ونحو ذلك من أحكام الهبة، وإطلاق لفظ الهبة في المرسل والعبارات كله من باب التوسع، وإلا فالمراد الاذن منها في إسقاط حقها على وجه مخصوص، وهو وضعه عند واحدة منهن، وأما هبتها للزوج فليس معناه إلا الاسقاط.
ومن هنا قال المصنف: (فان وهبت للزوج وضعها حيث شاء) منهن
(1) سنن البيهقى ج 7 ص 296.